منتديات اليمن اغلى

آخر 10 مواضيع : قصيدة الخيل والليل والبيداءُ تعرفني - للمتنبي (الكاتـب : - )           »          يا رسول الله ... تصميمي (الكاتـب : - )           »          سرقنا حبنا سكته! (الكاتـب : - )           »          جُرح الغياب .. بقلمي (الكاتـب : - )           »          وسع وسع ياعم ،تماسيح المنتدى وصلوا ههههههه (الكاتـب : - )           »          ** الفرق بين الشباب والبنات بالعزايم ** (الكاتـب : - )           »          كل من في مقعده …. (الكاتـب : - )           »          اغلى احبابي (الكاتـب : - )           »          ابو شامة (الكاتـب : - )           »          مافي ثقة في ذالزمن. لشاعر أبونعيم ألكحيل (الكاتـب : - )

العودة   منتديات اليمن أغلى YEMEN FORUMS > ::: المنتـديات العـــامة ::: > •• الثـقــــافة الأســــلاميـة
حفظ البيانات؟

التسجيل السريع مُتاح
عزيزي الزائر! سجلاتنا تفيد انك لست عضو لدينا في المنتدى,في حال رغبت بالاِنضمام الى أسرتنا في المنتدى ينبغي عليكم ملئ النموذج التالي !

اسم المستخدم: كلمة المرور: تأكيد كلمة المرور:
البريد الالكتروني: تأكيد البريد:
تاريخ الميلاد:       موافق على شروط المنتدى 

الإهداءات
اليمن أغلى : وفي يوم الجمعة " اللهُم قدراً جَميلاً وخبَراً جميلاً ودعوهً مُستجابة ." اللهُم قرب بيننا وبين دعواتنا التي فوضناها إليك اللهُم الإجابة لكل دُعاء و أمنية ،،' جمعة مباركة ❤

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-10-2019, 12:42 PM   #1
عضو مميز
 
الصورة الرمزية عاـاـاشق الصمت
 
تاريخ التسجيل: 1 - 10 - 2011
الدولة: لامكان لاوطن
المشاركات: 11,897
معدل تقييم المستوى: 6071
عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute
افتراضي شرح وأسرار الأسماء الحسنى (الشيخ هاني حلمي )

(1) أهمية الأسماء والصفات

من أعظم آثارها: أن من قام في قلبه حقائق هذه الأسماء، وتراءت معانيها لناظريه كان أعظم الناس تحقيقًا للتوحيد، وأكملهم عبودية لربِّ العالمين.. معرفة أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته عليها مدار الإيمان، فهي ركن من أركان التوحيد وذروة سنام العبودية... والإيمان بأسماء الله وصفاته يقتضي: معرفة الله سبحانه وتعالى بصفاته الواردة في القرآن والسُّنَّة الصحيحة، وإثبات لله ما أثبته لنفسه من غير تمثيل، ولا تكييف ولا تعطيل، ولا تحريف. والعلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته هو أشرف العلوم وأوجبها...

يقول الإمام ابن القيم: "إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم، فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقًا له تعالى أو أمرًا... إما علم بما كونه أو علم بما شرعه ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى" (بدائع الفوائد: [273-2]). فمن يُمعِن النظر في أسرار هذا العلم يقف على رياض من العلم بديعة، وحقائق من الحِكَم جسيمة... ويحصل له من الآثار الحميدة ما لا يُحاط بالوصف ولا يُدرك إلا لمن يُرزق فهمها ومعرفتها... ومنها أنه: إذا علم العبد ربَّه وامتلأ قلبه بمعرفته، أثمرت له ثمرات جليلة في سلوكه وسيره إلى الله عزَّ وجلَّ... وتأدب معه ولزم أمره واتبع شرعه، وتعلَّق قلبه به وفاضت محبته على جوارحه، فلهج لسانه بذكره، ويده بالعطاء له، وسارع في مرضاته غاية جهده، ولا يكاد يمل القرب منه سبحانه وتعالى... فصار قلبه كله لله ولم يبق في قلبه سواه...


(2) القابض الباسط

القابض الباسط جلّ جلاله وتقدّست أسماؤه: اقتران الاسمين: يلزم حين نعرّف بهما أن نجمع بينهما فذكرهما معاً يؤدي إلى معنى تمام القدرة.. معنى القبض لغة: (من الأخذ والمنع)، البسط: (العطاء والسّعة). أدلة ثبوت الاسمين لله تعالى: ورد في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "غلا السِّعر على عهد رسول الله صلّ الله عليه وسلّم فقالوا: يا رسول الله، لو سعَّرت، فقال: «إنَّ الله هو الخالقُ القابضُ الباسطُ، الرّازق المُسعِّر، وإنِّي لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال» (صحيح الجامع:1846)، ووردا فعلاً في القرآن الكريم في قوله تعالى: {..وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:245]، وفي أحاديث كثيرة منها، كقوله صلّ الله عليه وسلّم: «إنّ الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل» (رواه مسلم). وقوله صلّ الله عليه وسلّم: «يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه»" (صجيح البخاري:7382) معنى الاسمين في حقّ الله تعالى: في قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}، قالوا في تأويلها: "يقبض على من قبض وأمسك عن الإنفاق، ويبسط على من بسط يده عطاءً وإنفاقاً"، قالوا هنا قاعدة في مسألة حب الدنيا والخوف من الفاقة: "أنت مع الدنيا ما لم تشهد ربّها، فإذا شهدت ربّها كانت الدنيا معك تأتيك وهي راغمة"، وأن الله عز وجل إنّما يقبض ويبسط على حسب ما يراه سبحانه من المصلحة للعباد، فالقاعدة: قالوا: "يقبض بالعدل ويبسط بالفضل، ويقبض بالحِكمة ويبسط بالرّحمة"، فإذا أعطاك أعطاك ستُعجب وتهلك، فيقبض بالحكمة، ويمنع عنك حتّى إذا أوشكت على اليأس والقنوط أغاثك بالرحمة. يُولج ليل البسط في نهار القبض ويولج نهار البسط في ليل القبض، ويرزق من يشاء بغير حساب.. وقالوا في المعنى: "فهو سبحانه القابض الباسط، يقبض الأرواح من الأشباح عند الممات ويبسط الأرواح في الأجساد عند الحياة، ويقبض الصّدقات من الأغنياء ويبسط الأرزاق للفقراء، ويبسط الرزق لمن يشاء حتى لا تبقى فاقة، ويقبضه حتى لا تبقى طاقة".

قاعدة: إذا قَبض قبض حتى لا طاقة وهذا معنى {..وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ..} [التوبة:118]، فيمنع عن العبد حتى يجمع قلبه عليه، ثم ينزل الغيث من بعد ما قنطوا، وإذا بَسَطَ بَسَطَ حتى لا فاقة يُعطيك أكثر مما تحتاج ومما تتصوّر، والكلّ منه وإليه. وقالوا: القابض الباسط:

"إذا زاده لم يزده سرفاً، وإذا نقصه لم ينقصه عدماً أو بخلاً".
1- حظّ المؤمن من هذين الاسمين من أسماء الله الحسنى: (أن يفهم فقه القبض والبسط): القاعدة تقول: "بسطك كي لا تكون مع القبض، وقبضك كي لا تكون مع البسط، وأخرجك عنهما كي لا تكون لشيء دونه"، المعنى: أعطاك كي لا تيأس ولا تحزن، وحتى لا تستحوذ عليك ظلال المنع فتشعر أن الأبواب مغلقة، هذا يحمل كل معاني الرجاء وحُسن الظّنّون مع العسر يسرًا، وهكذا تتعاقب الأمور. وهنا نفهم المعنى الذي يخفى علينا كثيراً في أوقات نشتكي فيه أننا لا نجد قلوبنا، حين يسير الواحد منا في الطريق إلى الله وقد لا يجد الأثر في وقت ما، ونجد الغالب أن هناك قسوة وقبض فهنا يجب على العبد أن يفقه معالم الطريق إلى الله عزّ وجلّ، وأن يفهم كيف يعامله ربّه.. فإذا أعطاك ستُعجب، وإذا منع عنك تماماً ستأيس فلا بد من الاثنين، سبحانه الحكيم الخبيرعز وجل.. ونحن لا نتعبّد الله بالأحوال بل نعبّده بالمقام، أي الصلاة التي تُرضي الله هي التي تخرج بعده وأنت غاضّاً لبصرك، الصلاة التي تنهاك عن الفحشاء والمنكر، وليست الصلاة التي تبكي فيه قليلاً مثل الناس وهذا الحال وبعد ذلك لا أثر لها، وأحياناً تقول: لا أجد نفسي لا في القبض ولا في البسط، وهذا هو: وأخرجك عنهما حتى لا تكون لشيء دونه، فهذا مقام أعلى أن تكون راضي وترضيه، سواء أعطاك أو منع عنك، مُتعلّق بالذّات، المهم يا رب إن لم يكن بك عليّ سخطٌ فلا أبالي هذا المقام، لتكون له يُحرّكك كيف يشاء وأنت مُفوّض الأمر تماماً..
2- فإذا آمنّا بأن الله هو القابض الباسط.. يحثّنا على النفقة في سبيل الله ليس بالمال فقط بل تنفق علم، جهد تكون حقاً خادم لله تبارك وتعالى.
3- الاعتدال: تتعلم متى تُعطي ومتى تمنع، وهكذا مع أهل بيتك مثلاً فهناك أوقات تبسط وتوسع عليهم، وأوقات تقبض قليلاً، والمطلوب الاعتدال بينهما، ويُعطي كل ذي حق حقه..
4- فقه التعامل مع النفس بالقبض والبسط في العبادات: كيف تعاملها بالخوف والرجاء، بالترغيب والترهيب، فبعض الناس قد يتعبد الله بالحرمان ويظن أنه كلما حرم نفسه كان لله أطوع، وخير الهدي هدي النّبيّ صلّ الله عليه وسلّم، كان يصوم حتى لا يكاد يُفطر ويُفطر حتى لا يكاد يصوم، وهذا أعظم في العبودية لأنه فقه القبض والبسط، فقه التعامل مع النفس، وليس عبودية الهوى.

- ومن كلام الإمام ابن القيّم رحمه الله عن منزلة البسط والتخلّي عن القبض (في كتاب المدارج): "والانبساط مع الحقّ سبحانه: أن لا يحبسك خوف ولا يحجبك رجاء، ولا يحول بينك وبينه آدم ولا حوّاء، فالمعنى أنك تراه أقرب إليك من أمّك وأبيك وأرحم عليك منهما، فالمُحب الصادق لا بد أن يقارنه أحياناً فرح بمحبوبه -هذه هو الانبساط، السرور بالله- ويشتد فرحه به ويرى مواقع لُطفه به وبرّه به وإحسانه إليه وحُسن دفاعه عنه، والتّلطّف في إيصال المنافع له، والمسّار بكل طريق ودفع المضار والمكاره عنه بكل طريق، وكلما فتّش عن ذلك اطّلع منه على أمور عجيبة".

نختم بما كان عليه النبي صلّ الله عليه وسلّم، لم يكن مُنبسط ولا متدلل، ولا قابضاً طوال الوقت، بل كان أشد الناس لله خشية وتعظيمًا وإجلالاً في كمال عبوديته، وفي نفس الوقت كان أعظم الناس حبّاً ورجاء فيه سبحانه وتعالى، فبينهما ندندن بين السرور والفرح والرجاء، وفي نفس الوقت يكون منه على وجل لأن الله يقبض ويبسط.


المصدر: موقع الكلم الطيب

يتبع
(3) الرؤوف
  يمكنك المشاركة والتعليق في الموضوع بإستخدام حسابك على الفيس بوك  

عاـاـاشق الصمت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2019, 12:42 PM   #2
عضو مميز
 
الصورة الرمزية عاـاـاشق الصمت
 
تاريخ التسجيل: 1 - 10 - 2011
الدولة: لامكان لاوطن
المشاركات: 11,897
معدل تقييم المستوى: 6071
عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute
افتراضي رد: شرح وأسرار الأسماء الحسنى (الشيخ هاني حلمي )

(3)الرؤوف

مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الرَّؤُوف، وَهُوَ الرحيمُ لِعِبَادِهِ العَطُوفُ عَلَيْهِمْ بأَلطافه..
فالله عزَّ وجلَّ هو الرؤوف المتناهي في الرحمة بعبـاده، لا راحم أرحم منه سبحانه ولا غاية وراء رحمته..

الدليل على ثبوت الاسم من القرآن الكريم، سمى الله تعالى نفسه الرؤوف في عشر آيات من كتابه تعالى، منها: قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النور:20]، وقوله عزَّ وجلَّ: {..رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:10] المعنى اللغوي للاسم: الرأفَةُ: أشدُّ الرحمة.. والرأفة في حق البشر، هي امتلاء القلب بالرقة، وهي أشد ما يكون من الرحمة، وقيل: "بل شدة الرحمة ومنتهاها".. قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ..} [النور:2]، يعني: لا تنظروا بأي اعتبار يمكن أن يمنحهم شيئًا من الرحمة والرقة، فلا ترحموه ما فَتُسْقِطُوا عنهما ما أَمَرَ الله به من الحد، ويمكن القول أن الرحمة تسبق الرأفة، فالرأفة هي المنزلة التي تعقبها.. فإذا رقَّ القلب دعاه ذلك إلى الرحمة، وإذا رَحِم واشتدت رحمته وامتلأ القلب بها كانت الرأفة.. كما يُقال: "فلان رحيم فإذا اشتدت رحمته فهو رؤوف، فالرأفة آخر ما يكون من الرحمة". ولذلك قُدِمَت الرأفة على الرحمة في وصف نبينا، كما قال تعالى {..بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128]، وذلك على اعتبار أن الرأفة مبالغة في الرحمة، والمبالغة في الرحمة تتعلق بخاصة المؤمنين، أما الرحمة في اسمه الرحمن فإنها تتعلق بالخلائق أجمعين، فالأمر في الرأفة والرحمة على قدر الولاية والإيمان، وعلى حسب علو الهمة في عمل الإنسان، وقد كانت رأفة النبي بأصحابه ما بعدها رأفة.

الفرق بين الرأفة والرحمة: "والرَّأْفَةُ أَخصُّ وأَرَقُّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَلَا تَكاد تَقَعُ فِي الْكَرَاهَةِ، والرحمةُ قَدْ تَقَعُ فِي الْكَرَاهَةِ للمَصْلحةِ" (لسان العرب:9:112) معنى الاسم في حق الله تعالى: يقول ابن جرير "إنَّ الله بجميع عباده ذو رأفة، والرأفة أعلى معاني الرحمة، وهي عامة لجميع الخلق في الدنيا ولبعضهم في الآخرة" (جامع البيان:2:12)، قال الخطابي "الرَّؤوف: هو الرحيم العَاطِف برأفته على عباده"، والرَّؤوف سبحانه هو الذي يتعطف على عباده المؤمنين بحفظ سمعهم وأبصارهم وحركاتهم وسكناتهم في توحيده وطاعته، وهذا من كمال الرأفة بالصادقين..

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» (صحيح مسلم)، وعَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» (صحيح مسلم). والرَّؤوف أيضًا هو الذي يخفف عن عباده، فلا يكلفهم ما يشق عليهم أو يخرج عن وسعهم وطاقتهم.. قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء:28]، وقال {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ..}[البقرة:286]، قال الحُليمي: "الرَّؤوف معناه المتساهل على عباده؛ لأنَّه لم يُحملهم ما لا يُطيقون، بل حَمَّلَهم أقل مما يُطيقون بدرجاتٍ كثيرة، ومع ذلك غلَّظ فرائضه في حال شدة القوة، وخَفَّفها في حال الضعف ونقصان القوة، وأخذَ المُقيم بما لم يأخذ به المسافر، والصحيح بما لم يأخذ به المريض، وهذا كله رأفة ورحمة".
وقد ذكر الله تعالى أنه جعل الرأفة في قلوب بعض عباده.. فقال تعالى: {{..وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ..} [الحديد:27].

حظ المؤمن من اسم الله تعالى الرؤوف:

أولاً: طهِّر قلبــــك حتى يمتليء بالرحمة.. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ . وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [النور:19-20]، لأن العبد إذا لم يُطهِّر قلبه، لن تدخله الرحمة بل سيكون قلبًا قاسيًا، فلا يعرف معروفًا ولا يُنكِر مُنكرًا، وحينها ستستحكم الأمراض من هذا القلب، فيمتلىء بالحقد والضغينة، ويكون ممن يحبون أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين والعياذ بالله. ومن رأفة الله عزَّ وجلَّ بعباده أن أنزل عليهم القرآن؛ ليفك تلك الأغلال التي تُقيد القلب.. قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحديد:9]، فتدبُّر القرآن يُخرِج القلب من ظلمات الشهوة والقسوة إلى نور الهداية والإيمان..، ومن ظلمات الشك إلى نور اليقين.. فإذا امتلأ القلب بهذا النور، تنزلت عليه الرحمة وصار قلبًا نقيًا طاهرًا سليمًا.

ثانيًا: بِع نفسك لله.. قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة:207]، فلكي تكون أهلاً لنيل رأفة الله سبحانه وتعالى، لا بد أن تُضحي بشيءٍ عظيم تقربًا لله عزَّ وجلَّ، فإذا ما ضحيت بصدق وإخلاص، نلت رأفة الله جلَّ وعلا وحينها ستتخلَّص من قسوة قلبك ويصير طاهرًا.

ثالثًا:كن رؤوفـــًا بالنــاس.. على العبد أن يمتلأ قلبه بالرحمة والرأفة التي تشمل عامة المسلمين وخاصتهم.. عن عبد الله بن عمرو: أن رسول اللهِ قال: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللهُ» (رواه الترمذي وصححه الألباني:1924)، وعليك أن تسعي في جميع الأسباب الموجبة للرحمة؛ لكي تنال رأفة الله عزَّ وجلَّ..

الاعتدال في الرأفـــة..

ولا بد أن تكون الرأفة في موضعها.. فكما أنها من الأخلاق الحميدة والخصال العظيمة، إلا أن الشدة أنفع في بعض المواضع؛ كإقامة الحدود والأخذ على أيدي المفسدين الظالمين حين لا ينفع معهم نصح ولا لين، قال تعالى في حد الزنا {..وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ..} [النور:2]، وهذا يشبه حال المريض إذا اشتهى ما يضره أو جَزَع من تناول الدواء الكرية، فأخذتنا رأفة عليه حتى نمنعه شربه؛ فقد أعناه على ما يضره أو يهلكه، وعلى ترك ما ينفعه فيزداد سقمه فيهلك.. وهكذا المذنب هو مريض.. فليس من الرأفة به والرحمة أن يمكن مما يهواه من المحرمات ولا يعان على ذلك، ولا أن يمكن من ترك ما ينفعه من الطاعات التي تزيل مرضه، ومن المعلوم أن ألم العلاج النافع أيسر وأخف من ألم المرض الباقي، وبهذا يتبين أن العقوبات الشرعية كلها أدوية نافعة يصلح الله بها مرض القلوب، وهى من رحمة الله بعباده ورأفته بهم الداخلة في قوله تعالى لنبيه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]، فمن ترك هذه الرحمة النافعة لرأفة يجدها بالمريض، فهو الذي أعان على عذابه وهلاكه وإن كان لا يريد إلا الخير..

إذ هو في ذلك جاهل أحمق كما يفعله بعض النساء والرجال الجهال بمرضاهم، وبمن يربونه من أولادهم وغلمانهم وغيرهم في ترك تأديبهم وعقوبتهم على ما يأتونه من الشر، ويتركونه من الخير رأفة بهم، فيكون ذلك سبب فسادهم وعداوتهم وهلاكهم.. ومن الناس من تأخذه الرأفة بهم لمشاركته لهم في ذلك المرض، وذوقه ما ذاقوه من قوة الشهوة وبرودة القلب والدياثة، فيترك ما أمر الله به من العقوبة، كمن ينادي بتعطيل الحدود الشرعية من قطع يد السارق ورفع عقوبة الزنا، وإباحة الشذوذ والسحاق واللواط وغير ذلك من الأمور الانحلالية تحت دعوى الحرية، فهؤلاء من أظلم الناس وأديثهم في حق نفسه ونظرائه، وهو بمنزلة جماعة من المرضى قد وصف لهم الطبيب ما ينفعهم فوجد كبيرهم مرارته، فترك شربه ونهى عن سقيه للباقين. ومن لم يكن مبغضًا للفواحش كارهًا لها ولأهلها، ولا يغضب عند رؤيتها وسماعها لم يكن مريدًا للعقوبة عليها، فيبقى العذاب عليها يوجب ألم قلبه.. قال تعالى {..وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ..} [النور:2]، فإن دين الله طاعته وطاعة رسوله المبني على محبته ومحبة رسوله، وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما.. فإن الرأفة والرحمة يحبهما الله ما لم تكن مضيعة لدين الله
نسأل الله تعالى أن يرزقنا قلوبًا نقيةً طاهرةً؛ حتى ننال رأفة الله تعالى.

المصدر: موقع الكلم الطيب
عاـاـاشق الصمت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2019, 12:42 PM   #3
عضو مميز
 
الصورة الرمزية عاـاـاشق الصمت
 
تاريخ التسجيل: 1 - 10 - 2011
الدولة: لامكان لاوطن
المشاركات: 11,897
معدل تقييم المستوى: 6071
عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute
افتراضي رد: شرح وأسرار الأسماء الحسنى (الشيخ هاني حلمي )

(4)الرحمن الرحيم

الرحمن: هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، أي: إن رحمته عامة تشمل المؤمن والكافر في الدنيا، وخاصة بالمؤمنين فقط في الآخرة..
الرحيـــــم: هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة..

اسمي الله تعالى: (الرحمن الرحيـــــم).
من أسماء الله عزَّ وجلَّ الحسنى الرحمن الرحيــــم، فهو ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع خلقه سبحـــانه وتعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة:163]، والرحمن من الأسماء الخاصة به سبحانه ولا يجوز أن تُنسب لغيره، قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى..} [الإسراء:110]. ورود الاسمين في القرآن الكريم: وقد ذُكر اسمه تعالى: (الرحمن) في القرآن 57 مرة، أما اسمه (الرحيـــم) فذُكر 114 مرة. معنى الاسمين في حق الله تعالى: الرحمن والرحيـــم اسمان مشتقان من الرحمة، والرحمة في اللغة: هي الرقة والتعطُّف، و(رحمن) أشد مبالغة من (رحيـــم)

ولكن ما الفرق بينهما؟
الرحمن: هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، أي: إن رحمته عامة تشمل المؤمن والكافر في الدنيا، وخاصة بالمؤمنين فقط في الآخرة، قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، فذكر الاستواء باسمه (الرحمن) ليعم جميع خلقه برحمته. الرحيـــــم: هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة، كما في قوله تعالى: {..وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، فخص برحمته عباده المؤمنين. يقول ابن القيم: "الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم، فكان الأول للوصف والثاني للفعل، فالأول دال أن الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله: {..وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:43]، {..إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:117]، ولم يجيء قط رحمن بهم فعُلِم أن الرحمن هو الموصوف بالرحمة، ورحيم هو الراحم برحمته" (بدائع الفوائد:2:34)، فالرحمنُ الذي الرَّحْمَةُ وَصْفُهُ، والرحيمُ الراحمُ لِعِبَادِهِ.

آثـــــار الإيمان بهذين الاسمين:
1- إثبــــات صفة الرحمة لله ربِّ العالمين، فصفة الرحمة من صفات الله تعالى الثابتة بالكتاب والسُّنَّة، وهي صفة كمال لائقة بذاته كسائر صفاته العلى، لا يجوز لنا أن ننفيها أو نعطلها لأن ذلك من الإلحــــاد في أسمائه سبحـــانه وتعالى، وقد يُلحد البعض بهذه الصفة دون أن يشعر، حينما يعترض على الابتلاءات التي تعتريه هو أو غيره، ولا يدري أن تلك الابتلاءات من رحمة الله عزَّ وجلَّ بعبـــــاده، عن جابر قال: قال رسول الله: «يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض» (رواه الترمذي وحسنه الألباني)، فأهل البلاء أكثر إحساسًا برحمة الله تعالى؛ لأنها سابغة عليهم.. 2- جلاء آثار رحمة الله على الخلق، انظر إلى ما في الوجود من آثار رحمته الخاصة والعامة، فبرحمته سبحانه وتعالى أرسل إلينا رسوله، وأنزل علينا كتابه وعصمنا من الجهالة، وهدانا من الضلالة، وبرحمته عرفنا من أسمائه وصفاته وأفعاله ما عرفنا به أنه ربنا ومولانا، وبرحمته علمنا ما لم نكن نعلم، وأرشدنا لمصالح ديننا ودنيانا، وبرحمته أطلع الشمس والقمر، وجعل الليل والنهار، وبسط الأرض، وجعلها مهادًا وفراشًا، وقرارا، وكفاتًا للأحياء والأموات، وبرحمته أنشأ السحاب وأمطر المطر، وأطلع الفواكه والأقوات والمرعى، وبرحمته وضع الرحمة بين عباده ليتراحموا بها، وكذلك بين سائر أنواع الحيوان. وكان من تمام رحمته بهم أن جعل فيهم الغني والفقير، والعزيز والذليل، والعاجز والقادر، والراعي والمرعي، ثم أفقر الجميع إليه، ثم عمَّ الجميع برحمته، (مختصر الصواعق بتصرف:2:121،124)، ومن رحمته: "أن نغصَّ عليهم الدنيا وكدرها؛ لئلا يسكنوا إليها، ولا يطمئنوا إليها، ويرغبوا في النعيم المقيم في داره وجواره، فساقهم إلى ذلك بسياط الابتلاء والامتحان، فمنعهم ليعطيهم، وابتلاهم ليعافيهم، وأماتهم ليحييهم" [1].
3- رحمة الله واسعة، يقول الله جلَّ وعلا" {..وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ..} [الأعراف:156]، فرحمة الله عزَّ وجلَّ عــــامة واسعة، هي للمؤمنين في الدارين، يقول الله تبارك وتعالى: {..فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف:156]، وفتح الله تعالى: أبـواب رحمته للتائبيــن، فقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53]. وقال رسول الله: «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طَمِع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد» (متفق عليه)، وسمى الله تعالى: وحيـــه إلى أنبيــائه رحمة، كما في قوله تعالى مُخبرًا عن نبيه نوح عليه السلام: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود:28]، فجعل الوحي والعلم والحكمة، رحمة، ويقول تعالى عن نبينا: {..وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:89]
4- رحمة الله تغلب غضبه، عن أبي هريرة عن رسول الله قال: «إن الله حين خلق الخلق كتب بيده على نفسه: إن رحمتي تغلب غضبي» (رواه الترمذي، وقال الألباني: حسن صحيح)، وهذا الحديث موافق لمعنى قوله تعالى: {..كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ..} [الأنعام:54]، فالله تعالى أوجب على نفسه ولا يوجب أحدٌ على الله.
5- لله جلَّ ثناؤه مائة رحمة، كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض، فأنزل منها إلى الأرض رحمة واحدة نشرها بين الخليقة ليتراحموا بها، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والطير والوحش والبهائم، وبهذه الرحمة قوام العالم ونظامه. (مختصر الصواعق:2:124)، قال رسول الله: «إن الله تعالى: خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض، وأخر تسعا وتسعين فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة» (رواه أحمد، وصححه الألباني، صحيح الجامع:1767)، فيا لعظم رحمة الله تعالى في هول هذا الموقف العصيب، ولكن هذا ليس دعوة للعصاة ليزدادوا عصيانًا، بل هو دعوة للمؤمنين ليزدادوا قربًا ومحبة من ربِّهم الرحيـــم.
6- الله سبحانه وتعالى: أرحم بعبـــاده من الأم بولدهـــا.. عن عمر بن الخطاب قال: "قدم على النبي سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها، تسعى إذا وجدت صبيًا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي: «أترون هذه طارحة ولدها في النار؟»، فقلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: «لله أرحم بعباده من هذه بولدها» (متفق عليه).
7- نِعَم الله سبحانه وتعالى رحمة.. وقد سمى الله سبحانه بعض نعمه بالرحمة، كالمطر في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ..} [الأعراف:57] وسمى رزقه بالرحمة في قوله تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء:28]، أي:إذا سألك أقاربك وليس عندك شيء وأعرضت عنهم لعدم وجود ما تنفقه عليهم، فعليك أن تعدهم باللين إنه إذا جاء رزق الله -الرحمة- فسنصلكم إن شاء الله، وسمى الله كتابه العزيز بالرحمة، فقال تعالى: {..وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:89]، وسمى الله عزَّ وجلَّ الجنة بالرحمة، وهي أعظم رحمة خلقها الله لعباده الصالحين، قال تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران:107] حظ المؤمن من اسمي الله الرحمن الرحيــــم، موجبــــات الرحمة: فالرحمة بمثابة الوقود الذي سيدفعك للعمل والحركة، فلا بد أن تأخذ بتلك الأسبــاب التي توجب الرحمة، وتعتمد على الله وحده ليوفقك للعمل الصالح،

ومن موجبـــات الرحمة:
1- رحمة النــــاس، الرحمة من الأخلاق العظيمة التي حضَّ الله سبحـانه عباده على التخلُّق بها، ومدح بها أشرف رسله، فقال جلَّ وعلا: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:128]، ومن أسمائه: (نبي الرحمة) (حسنه الألباني، مختصر الشمائل:316). ومدح النبي أفضل أصحابه من بعده بهذه الصفة، فقال: «أرحم أمتي بأمتي: أبو بكر..» (رواه الترمذي وصححه الألباني)، فكأن من يتصف بالرحمة ينال درجة الصديقين، وهي أعلى الدرجـــات عند الله تعالى، وبيَّن أن الرحمة تنــال عبــاده الرحمــاء، كما قال: «فإنما يرحم الله من عباده الرحماء» (متفق عليه)، والشقي هو الذي نزعت من قلبه الرحمة، قال: «من لا يرحم الناس، لا يرحمه الله» (متفق عليه)، وعن عائشة قالت: "جاء أعرابي إلى النبي فقال: أتقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم! فقال النبي: «أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة» (متفق عليه)
2- القرآن، قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} [الإسراء:82]، فقراءة القرآن رحمة، وتدبُّر القرآن رحمة، وكل تعلَّقٌ للمؤمن بكتاب الله جلَّ وعلا مستوجبٌ لنزول الرحمة.
3- صلاة أربع ركعــات قبل العصر، قال رسول الله: «رَحِم الله امرءًا صلى قبل العصر أربعًا» (رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني)، وهي ليست من السُنن المؤكدة، لكن تُستنزل بها الرحمــات.
4- المكوث في المسجد، قال رسول الله: «لا يزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها، ولا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المسجد: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، ما لم يُحدِث» (رواه الترمذي وصححه الألباني).
5- عيـــادة المرضى، عن جابر قال: قال رسول الله: «من عاد مريضًا لم يزل يخوض الرحمة حتى يجلس، فإذا جلس اغتمس فيها» (رواه مالك وأحمد وصححه الألباني).
6- طاعة الله ورسوله، فهي من أعظم أسبــاب الرحمة، وكلما كان العبد أطوَّع لله، كان أكثر استحقاقًا لاستنزال الرحمة به، قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران:132].
7- الإحســـان: فالإحســـان يبدأ من الإتقان وتجويد العمل، ويصل إلى المنزلة العظمى من منازل الإيمان وهي: أن تعبد الله كإنك تراه، كما جاء في حديث جبريل حينما سأل النبي عن الإحسان، فقال: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (رواه مسلم)، وهذه المنزلة العظمى تقتضي مراقبة الله جلَّ وعلا في السر والعلن، فإن كنت تريد أن تتنزل عليك الرحمة: راقب قلبـــك وحالك في الخلوات،فإن كنت مستقيم الحال في خلوتك، فاعلم أن هذا من أعظم أسبـــاب استنزال الرحمة عليك، يقول تعالى: {..إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:56]

كيف ندعو الله باسميه الرحمن الرحيم؟
1- اثن على الله عزَّ وجلَّ في كل حالك وأكثِر منه بين الخلائـــق، فتتحدث بنعمته ورحمته عليــك، وتقول: يا لرحمة الله، وافرح برحمة الله تعالى: إذا تنزلت عليك، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58].
2- أن يُكثر العبد من سؤال ربِّه الرحمة، فيقول:اللهم ارحمني، اللهم ارحمني. فإذا دعوت الله، فاعزم في الدعــاء ولا تتردد، قال رسول الله: «إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت، ارحمني إن شئت، ارزقني إن شئت، وليعزم مسألته إنه يفعل ما يشاء ولا مكره له» (رواه البخاري)،
اللهم رحمتك نرجو، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.


المصدر: موقع الكلم الطيب
عاـاـاشق الصمت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2019, 12:43 PM   #4
عضو مميز
 
الصورة الرمزية عاـاـاشق الصمت
 
تاريخ التسجيل: 1 - 10 - 2011
الدولة: لامكان لاوطن
المشاركات: 11,897
معدل تقييم المستوى: 6071
عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute
افتراضي رد: شرح وأسرار الأسماء الحسنى (الشيخ هاني حلمي )

(5) اللطيف جل جلاله

سبحــــان اللطيف الخبيــــر، يرفق بعبـــاده ويلطف بهم، يرزق من يشــاء بغير حســـاب، ومنعه هو خيـــر العطــــاء، يعلم مصالح جميع الخلائق؛ الجن والإنس، والطير والحيوان، والجماد والنبـــات، ثم يسلك سبيلَ الرفق في إيصال هذه المصالح إلى مستحقِّها دون العُنْف.. ولو نظر الإنسان إلى الكون من حوله، لوجد آثـــار لطف الله تعالى بخلقه واضحةً جليَّة، ولوجد المرءَ نفسه في نهاية العجز، واللهُ تعالى في نهاية اللطف، ولطفُه به هو الذي جعله على هذا الحال الحسن، فليس لك إلا أن تدعوه سبحــــانه قائلاً: يـــــا لَطِيــــــف.. الْطُفْ بِنـــــا..

المعنى اللغوي: اللطيف في اللغة: صفة مشبهة للموصوف باللطف، فعله: لطف يلطف لطفًا، ولطف الشيء رقته واستحسانه وخفته على النفس، ويطلق على الشيء الخفي المحجوب، ويقال اللطف: "الرقة والحنان والرفق"، فاللطيف من أسماء الجمال لله سبحانه وتعالى. ورود الاسم في القرآن الكريم: ورد اسم الله تعالى اللطيـــف سبع مرات في القرآن الكريم، منها قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:103]، وقوله جلَّ وعلا: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]، وقوله تعالى: {..إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف:100].. وقوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج:63].

معنى الاسم ودلالته في حق الله تعالى:
المعنى الأول: اللطيف سبحانه هو الذي اجْتَمع له العلمُ بدَقائق المصَالح وإيصَالها إلى مَن قدرها له مِن خَلقهِ مع الرفق في الفِعْل والتنفيذ، قال تعالى: {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ..} [الشورى:19]، فالله لطيفٌ بعباده رفيقٌ بهم قريبٌ منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، فهو لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم.. ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم، قال تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]، وقال لقمان لابنه وهو يعظه: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان:16]، ولم يقترن اسم الله اللطيف إلا باسمه الخبير، فالله تعالى يطلِّع على بواطن الأمور ويلطف بعباده، فلا يُقدِر لهم إلا ما فيه الخير، وقد يخفى على العبد هذا الخير، فيُقابل قضاء الله بالاعتراض، والله تعالى يقول: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}. يقول ابن القيم "ما يَبْتَلِي الله بهِ عبادَهُ من المصائبِ، وَيَأْمُرُهُم بهِ من المكارهِ، وَيَنْهَاهُم عنهُ من الشَّهَوَاتِ، هيَ طُرُقٌ يُوصِلُهُم بها إلى سعادتِهِم في العاجلِ والآجلِ، وقدْ حُفَّت الجنَّةُ بالمكارهِ، وَحُفَّت النارُ بالشهواتِ. وقدْ قَالَ : "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" (صحيح مسلم)، فالقضاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ لِمَنْ أُعْطِيَ الشكرَ والصبرَ جَالِبًا ما جَلَبَ، وكذلكَ ما فَعَلَهُ بآدَمَ وإبراهيمَ وموسَى وعيسَى ومحمَّدٍ من الأمورِ التي هيَ في الظاهرِ مِحَنٌ وابتلاءٌ، وهيَ في الباطنِ طُرُقٌ خَفِيَّةٌ أَدْخَلَهُم بها إلى غايَةِ كَمَالِهِم وَسَعَادَتِهِم" (شفاء العليل:1:104) المعنى الثاني: اللطيف هو الذي ييسر للعباد أمورهم ويستجيب منهم دعائهم، فهو المحسن إليهم في خفـــاء وستر من حيث لا يعلمون، فنعم الله تعالى عليهم سابغة ظاهرة لا يحصيها العادُّون ولا ينكرها إلا الجاحدون، وهو الذي يرزقهم بفضله من حيث لا يحتسبون: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج:63]، وقال سبحانه: {اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [الشورى:19]، كما أنه يحاسب المؤمنين حسابًا يسيرًا بفضله ورحمته، ويحاسب غيرهم من المخالفين وفق عدله وحكمته. المعنى الثالث: اللطيف الذي لطف عن أن يُدرك، وهو لطف الحجاب لكمال الله وجلاله.. فإن الله لا يُرى في الدنيا لطفًا وحكمة، ويُرى في الآخرة إكرامًا ومحبة.. ولذلك قال عن رؤية الناس له في الدنيا: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ..} [الشورى:51]، وقال سبحانه: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ} [الأنعام:103]، يقول الإمام ابن القيم في (القصيدة النونية:244) وهوَ اللَّطِيفُ بِعَبْدِهِ وَلِعَبْدِهِ ***
واللطفُ في أوصافِهِ نَوْعَانِ إدراكُ أسرارِ الأمورِ بِخِبْرَةٍ *** واللطفُ عندَ مَوَاقِعِ الإحسانِ فَيُرِيكَ عِزَّتَهُ وَيُبْدِي لُطْفَهُ *** والعبدُ في الغَفَلاتِ عنْ ذا الشَّانِ


حظ المؤمن من اسم الله تعالى اللطيــــف:
1- أن يتلطف بالمسلمين ويحنو على اليتامى والمساكين والضعفاء.. ويسعى للوفاق بين المتخاصمين، وينتقي لطائف القول في حديثه مع الآخرين، ويَبَش في وجوههم، ويحمل قولهم على ما يتمناه من المستمعين؛ فإن الظن أكذب الحديث، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ» (صحيح مسلم)، فلا بد على العبد أن يكون هينًا لينًا، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: «ألا أخبركم بمن يحرم على النار ومن تحرم عليه النار؟ على كل قريب هين سهل» (رواه الترمذي وصححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب:1744)، وعن عبد الله بن الحارث بن حزم قال: "ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله" (رواه الترمذي وصححه الألباني) 2- السعي في طلب العلم والفهم عن الله تعالى.. فإذا عَلِمَ العبد أن الله سبحانه وتعالى لا يفوته من العلم شيء وإن دق وصَغُر، أو خفي وكان في مكانٍ سحيـــق.. فعليه أن يؤمن بكمال علم الله وإحاطته، وأنه لن يُحيط بشيءٍ من علمه إلا بما شاء سبحانه وتعالى، فينبغي عليه أن يسعى في طلب العلم؛ لمحاولة فهم أسرار الحيــاة حتى يزداد إيمانًا ويقينًا.. وحين يشعر المؤمن بالعجز عن معرفة بعض الأمور أو الحكمة منها، يزداد تعبدًا وذلاً لله تعالى، وحين يطلعه الله تعالى على بعض المعرفة، يزداد يقينًا وشكرًا لله سبحانه وتعالى
3- المحــــــاسبة والمراقبة.. وإذا عَلِمَ العبد أن ربَّه متصفٌ بدقة العلم، وإحاطته بكل صغيرة وكبيرة، حــــاسب نفسه على أقواله وأفعاله، وحركاته وسكناته؛ لإنه يعلم في كل وقتٍ وحين أنه بين يدي اللطيـــف الخبيــر: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14]، والله سبحانه يجازي الناس على أفعالهم يوم الدين، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر.. قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:47]. وقال تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة:7-8]، فحـــــاسبوا أنفسكم قبل أن تُحــــــاسبوا.
4- حب الله عزَّ وجلَّ، إذ لطف بك وســــاق لك الرزق وأعطاك ما تحتاجه في معاشك.. فحينما يتأمل لطف الله سبحانه وتعالى بعباده وأنه يريد بهم الخير واليسر، ويُقيض لهم أسباب الصلاح والبر، يزداد تعلقًا به سبحانه وتعالى، ويزداد حبهُ له.
5- الذل والانكســار.. فإذا أردت أن يعاملك الله سبحانه وتعالى بلطفه، عليك أن تذل وتنكسر بين يديه.. تضــــاعف ما استطعت، فإنَّ اللطف مع الضعف أكثر. الدعـــاء باسم الله اللطيف: لم يرد دعاءً مأثورًا بهذا الاسم أو الوصف، إلا ما ورد عند الطبراني وضعفه الألباني من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «اللهم الطف بي في تيسير كل عسير؛ فإن تيسير كل عسير عليك يسير، وأسألك اليسر والمعافاة في الدنيا والآخرة» (ضعيف الجامع:1181). ويمكن الدعاء بمقتضى ما ورد في قوله تعالى عن يوسف عليه السلام {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [يوسف:100]، كأن يقول: اللهم إنك لطيف لما تشاء وأنت العليم الحكيم، ارفع عني البلاء والشقاء وأعذني من الشيطان الرجيم.

المصدر: موقع الكلم الطيب
عاـاـاشق الصمت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2019, 12:43 PM   #5
عضو مميز
 
الصورة الرمزية عاـاـاشق الصمت
 
تاريخ التسجيل: 1 - 10 - 2011
الدولة: لامكان لاوطن
المشاركات: 11,897
معدل تقييم المستوى: 6071
عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute
افتراضي رد: شرح وأسرار الأسماء الحسنى (الشيخ هاني حلمي )

(6) اسم الله (الكريم)

بسم الله الرحمن الرحيم الكريم:
اسم الله تعالى الكريم من الأسماء المُحببة إلى النفوس المؤمنة، فهم متقلبون في نعيمه ليل نهار، فلا كرم يسمو على كرمه، ولا إنعام يرقى إلى إنعامه، ولا عطاء يوازي عطاؤه، له علو الشأن في كرمه، يعطي ما يشاء لمن يشاء، كيف يشاء بسؤال وغير سؤال، يعفو عن الذنوب ويستر العيوب، ويجازي المؤمنين بفضله، ويمهل المعرضين ويحاسبهم بعدله.. فما أكرمه، وما أرحمه، وما أعظمه..

المعنى اللغوي:
الكريم: صفة مشبهة للموصوف بالكرم، والكرَم نقيض اللؤم. وكَرُمَ السحــابُ: إذا جــــاء بالغيث، والكريم: الصفوح كثير الصفح، وقيل لشجرة العنب: كَرمَةٌ بمعنى كريمة، وقد يُسمى الشيء الذي له قدرٌ وخطرٌ: كريمًا، ومنه قوله سبحانه وتعالى في قصة سليمان عليه السلام: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل:29]، جاء في تفسيره: كتابٌ جليلٌ خطيرٌ، وقيل: "وصفته بذلك لأنه كان مختومًا"، وقيل: "كان حسن الخط"، وقيل: "لأنها وجدت فيه كلامًا حسنًا"، قال الزجاج: "الكرم سرعة إجابة النفس، كريم الخُلُق وكريم الأصل".

يقول أحمد بن مسكويه في كتابه (تهذيب الأخلاق) "أما الكرم فهو إنفاق المال الكثير بسهولة من النفس في الأمور الجليلة القدر الكثيرة النفع كما ينبغي" (تهذيب الأخلاق:1:7)، ويقول الإمام الغزالي: "وأما الكرم فالتبرع بالمعروف قبل السؤال، والإطعام في المحل، والرأفة بالسائل مع بذل النائل" (إحياء علوم الدين:3:246)، والكرم السعة والعظمة والشرف، والعزة والسخاء عند العطاء.

وروده في القرآن:
ورد اسم الله تعالى الكريم ثلاث مرات، في قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:116]، وقول الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} [الإنفطار: 6]، وقوله تعالى {..وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل:40]. وورد اسمه تعالى الأكرم في قوله: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [العلق:3]، وهي من أوائل السور التي نزلت في مفتتح البعثة، فكان ميثاق التعرُّف بين الله سبحانه وتعالى ونبيه من خلال اسمه الأكرم، لأن الكرم كان من أبلغ المناقب عند العرب، والله سبحانه وتعالى أكرم من كل ما تتصور. معنى الاسم في حق الله تعالى: يقول الغزالي "الكريم: هو الذي إذا قدر عفا وإذا وعد وفى، وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى، وإن رُفِعَت حاجةٌ إلى غيره لا يرضى، وإذا جُفِيَ عاتب وما استقصى، ولا يضيع من لاذ به والتجأ، ويغنيه عن الوسائل والشفعاء، فمن اجتمع له جميع ذلك لا بالتكلُّف، فهو الكريم المطلق وذلك لله سبحانه وتعالى فقط" (المقصد الأسنى:1:117)، فالكريم هو كثير الخير، الجواد المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه، الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل، فالكريم اسم جامعٌ لكل ما يُحمد.

وقد أورد ابن العربي ستة عشر قولاً في معنى اسمه تعالى الكريم، وهي:
1- الذي يعطي لا لعوض. 2- الذي يعطي بغير سبب. 3- الذي لا يحتاج إلى الوسيلة. 4- الذي لا يبالي من أعطى ولا من يُحسَن إليه، كان مؤمنًا أو كافرًا، مُقرًا أو جاحدًا، لولا كرمهُ ما سقى كافر شربة ماء. 5- الذي يُستبشر بقبول عطائه ويُسرُّ به. 6- الذي يعطي ويثني، كما فعل بأوليائه حبَّبَ إليهم الإيمان وكرَّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان، ثم قال: {..أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ . فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [الحجرات:7-8]، يُحكى أنَّ الجُنيد سَمِعَ رجلاً يقرأ: {..إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص:44]، فقال: سبحـــان الله! أعطى وأثنى، فالله تعالى هو الذي وهب عبده أيوب عليه السلام الصبر، ثمَّ مدحه به وأثنى. 7- الذي يَعُمُّ عطاؤه المحتاجين وغيرهم. 8- الذي يُعطي من يلومه، فيعطي العبد برغم إساءته للأدب مع ربِّه سبحانه وتعالى. 9- يُعطي قبل السؤال، قال تعالى: {وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم:34]. 10- يُعطي بالتعرُّض. 11- الذي إذا قَدَرَ عفى. 12- الذي إذا وَعَدَ وفَّى. 13- الذي تُرفَع إليه كل حاجة صغيرة كانت أو كبيرة. 14- الذي لا يُضيع من توسَّل إليه ولا يترك من التجأ إليه، عن سلمان قال: قال رسول الله: «إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين» (رواه أبو داود وصححه الألباني) 15- الذي لا يُعاتب. 16- الذي لا يُعاقب.

الفرق بين الكرم والجود:
الجود: هو صفة ذاتية للجواد، ولا يستحق بالاستحقاق ولا بالسؤال. والكرم: مسبوق باستحقاق السائل والسؤال منه (كتاب الكليات:1:545)

أما معنى اسم الله تعالى الأكرم: الأكرم:
اسم دل على المفاضلة في الكرم، فعله: كرم يكرم كرما، والأكرم هو الأحسن والأنفس والأوسع، والأعظم والأشرف، والأعلى من غيره في كل وصف كمال، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13]

الفرق بين الكريم والأكرم:
والأكرم سبحانه هو الذي لا يوازيه كرم ولا يعادله في كرمه نظير، وقد يكون الأكرم بمعنى الكريم، لكن الفرق بين الكريم والأكرم: أن الكريم، دل على الصفة الذاتية والفعلية معًا، كدلالته على معاني الحسب والعظمة والسعة، والعزة والعلو والرفعة وغير ذلك من صفات الذات، وأيضًا دل على صفات الفعل فهو الذي يصفح عن الذنوب، ولا يمُنُ إذا أعطى فيكدر العطية بالمن، وهو الذي تعددت نعمه على عباده بحيث لا تحصى وهذا كمال وجمال في الكرم. أما الأكرم، فهو المنفرد بكل ما سبق في أنواع الكرم الذاتي والفعلي، فهو سبحانه أكرم الأكرمين له العلو المطلق على خلقه في عظمة الوصف وحسنه، ومن ثم له جلال الشأن في كرمه وهو جمال الكمال وكمال الجمال.

حظ المؤمن من اسم الله تعالى الكريـــم الأكرم:
1- أن يظهر على العبد أثر النعمة: عن أبي الأحوص عن أبيه قال: "أتيت رسول الله وعليَّ ثوب دون، فقال لي «ألك مال؟»، قلت: نعم، قال: «من أي المال؟»، قلت: من كل المال قد أعطاني الله من الإبل والبقر والخيل والرقيق. قال: «فإذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته» (رواه أحمد، والنسائي، وصححه الألباني)
2- إكرام النـــاس: قال: «إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه» (حسنه الألباني، صحيح الجامع:269)، إذا كنت تُحب أن يعاملك الله الكريم، بكرمه وجوده وفضله وإنعامه، فعليك أن تُكرم النــاس في معاملاتك وأخلاقك، والاهتمام بإكرام الضيف والجــار على الأخص، لأن النبي قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، جائزته يوم وليلة والضيافة ثلاثة أيام فما بعد ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه» (متفق عليه)، وقال: «ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» (رواه أحمد وصححه الألباني)، فبإكرامك لضيفك وجارك، يزدد إيمانك وترتفع درجتك عند الله سبحانه وتعالى.
3- أن يعلم أن الإكرام بالنعمة إبتلاء، يستوجب الشكر والطاعة: لا كما يظن البعض أنها دليل حبٍ ورضــا، يقول الله تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ . وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ . كَلَّا...} [الفجر:15-17]، فالله سبحانه وتعالى يبتلينا بالخير والشر، وحق الخير شكره وحق الشر الصبر عليه. وعن أبي هريرة أن الرسول قال: «فيلقى العبد فيقول: أي فُل -فلان- ألم أكرمك وأسودك وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى، قال: أفظننت أنك ملاقيَّ؟ فيقول لا، فيقول فإني قد أنساك كما نسيتني» (رواه مسلم)، والإكرام الحقيقي هو إكرام الله للعبد بالتوفيق للطاعة واليقين والإيمان، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13].
4- كثرة فعل الخيـــرات: لأن من معاني اسمه تعالى الكريم أنه كثيـــر الخير، فعلى العبد أن يبذل الخيـــر للناس، بأن يُكثر من الصدقات عن طيب نفس، من نفقة على مسكين وفقير، وسعي على أرملة، سقي الظمآن، وإغاثة اللهفان، وحتى ذكر الله سبحانه وتعالى صدقة.
5- كرم الأخلاق: إذا أردت أن يكرمك الله، كن كريم الأخلاق، قال رسول الله: «إن الله كريم يحب الكرم، ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها» (صحيح الجامع:1801)، عن أبي هريرة: عن النبي قال: «من كان هينا لينًا قريبًا حرمه الله على النار» (رواه الحاكم، وصححه الألباني).
6- التعزز عن سفاسف الأمور وعدم التذلل لأحد: فالكريم هو الذي له خطر وقدر، فتعالى عن سفاسف الأمور ولا تذل لمال أو جــاه أو شهوة، فكن على طاعة الله وابتعد عن مخالفته، تكن كريمًا في الأرض ويَعظُم شأنك، أما المعصية فهي سبب ذُلَك وشؤمك، قال رسول الله: «..وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم» (صحيح الجامع:2831)
7- التخليـــة والتصفيــة: لأن الكريم معناه: المُنزه عن النقائص والآفــات، فعليك أن تسعى في تربية وتهذيب نفسك؛ لإنك لن تكون كريمًا عند الله وأنت مليء بالنقائص والعيــوب.
8- لا تجعل الله أهون الناظرين إليـــك: قال تعالى: {..وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18]
9- اللوذ واللُجأ بالكريــم عن الكُربــــات،: عن ابن عباس: أن رسول الله كان يقول عند الكرب "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم" (متفق عليه)، فلُذ بربِّك الكريـــم، يُفرج كربك.
10- إكرام القرآن: قال تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة:77]، فأكرم كتاب الله الكريم قراءةً وتدبرًا وعملاً؛ لكي تكون كريمًا عند ربِّ العالمين.

الدعاء باسمي الله تعالى الكريم الأكرم:
منه: دعـــاء ليلة القدر، عن عائشة قالت: قلت: "يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني" (رواه الترمذي وصححه الألباني)، وورد الدعاء باسمه الأكرم، عن ابن مسعود: "أنه كان يدعو في السعي: "اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ"، وفي رواية: "اللهمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمُ وَأَنْتَ الأَعَزُّ الأَكْرَمُ، اللهمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"، وقال الألباني: "وإن دعا في السعي بقوله: رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم فلا بأس لثبوته عن جمع من السلف" (مناسك الحج والعمرة:26).

ومما ورد في الدعاء بالوصف، ما رواه مسلم من حديث عوف بن مالك أنه قال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يُصَلِّي عَلَى مَيِّتٍ فَسَمِعْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللهُمَّ اغفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكرِمْ نُزُلَهُ، وَأَوْسِعْ مُدْخَلهُ، وَاغسِلهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقّهِ مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَس»(صحيح مسلم).

المصدر: موقع الكلم الطيب
عاـاـاشق الصمت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2019, 12:43 PM   #6
عضو مميز
 
الصورة الرمزية عاـاـاشق الصمت
 
تاريخ التسجيل: 1 - 10 - 2011
الدولة: لامكان لاوطن
المشاركات: 11,897
معدل تقييم المستوى: 6071
عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute
افتراضي رد: شرح وأسرار الأسماء الحسنى (الشيخ هاني حلمي )

(7) اسم الله (السميع)


الحمدُ للهِ الذي وَسِعَ سَمْعُهُ الأصواتَ، فلا تَخْتَلِفُ عليهِ أصواتُ الخلقِ، ولا تَشْتَبِهُ عليهِ ولا يَشْغَلُهُ منها سَمْعٌ عنْ سَمْعٍ، ولا تُغْلِطُهُ المسائلُ، ولا يُبْرِمُهُ كثرةُ السائِلِينَ.

المعنى اللغوي للاسم:
السميع في اللغة على وزن فعيــل من أبنية المبالغة، والسمع في حق المخلوقين هو: ما وَقَر في الأذن من شيءٍ تسمعه.

ورود الاسم في القرآن الكريم:
ورد اسمه تعالى السميع في القرآن خمسًا وأربعين مرة؛ مما يدل على أهمية الاسم لا شك.. منها قوله تعالى: {..رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة:127]، وقوله سبحانه وتعالى: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [المائدة:76]، وجمع بين اسمه تعالى السميع والبصير في أكثر من موضع، منها قوله تعالى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [لقمان:28]، وجمع بينه وبين اسمه تعالى القريب، في قوله: {..إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [سبأ:50].

معنى الاسم في حق الله تعالى:
قال الخطابي رحمه الله: "السميع: هو الذي يسمع السر والنجوى، سواء عنده الجهر والخفوت، والنطق والسكوت"، والسماع قد يكون بمعنى القبول والإجابة.. فمن معاني السميع: المُستجيــب لعبـــاده إذا توجهوا إليـــه بالدعــاء وتضرعوا، كقول النبي: «اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن دعاء لا يُسمع..» (صحيح الجامع:1297). أي: من دعاء لا يُستجـــاب.

وذكر الإمام ابن القيم رحمهُ الله أن السمعُ يُرَادُ بهِ أربعةُ مَعَانٍ:
أحدُهَا: سَمْعُ إِدْرَاكٍ؛ ومُتَعَلَّقُهُ الأصواتُ، ومنه قوله تعالى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة:1]، وقوله: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ..} [آل عمران:181]
الثاني: سَمْعُ فَهْمٍ وعَقْلٍ؛ ومُتَعَلَّقُهُ المعاني، ومنه قولُهُ: {..لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا..} [البقرة:104]، لَيْسَ المرادُ سَمْعَ مُجَرَّدِ الكلامِ، بلْ سَمْعَ الفَهْمِ والعَقْلِ، ومِنْهُ: {..سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا..} [البقرة:285].
الثالثُ: سَمْعُ إجابةٍ وإعطاءِ ما سُئِلَ، ومنه قولنا: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"، أيْ: اللهم أَجِبْ وَأَعْطِ مَن حَمِدَك.
الرابعُ: سَمْعُ قَبُولٍ وانْقِيَادٍ، منه قولُهُ تَعَالَى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ..} [المائدة:41]؛ أيْ: قَابِلُونَ لهُ وَمُنْقَادُونَ غيرُ مُنْكِرِينَ لهُ، ومنهُ على أَصَحِّ القَوْلَيْنِ: {..وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ..} [التوبة:47]؛ أيْ: فيكم قَابِلُونَ وَمُنْقَادُونَ (بدائع الفوائد:2:75،76- بتصرف)

يقول ابن القيم في قصيدته النونية (النونية 2:215):
وهو السَّميعُ يَرى ويَسْمعُ كلَّ ما *** في الكون من سِرٍّ ومن إعلانِ
ولكلِّ صوتٍ منه سمعٌ حاضرٌ *** فالسِّرُّ والإِعلان مستويــــــانِ
والسَّمعُ منه واسعُ الأصواتِ لا *** يخفى عليه بعيدُهـــا والدانـــــي

آثـــــار الإيمــان باسمه السميـــــع:
1- إثبــــات صفة السمع له سبحانه وتعالى كما وصف الله عزَّ وجلَّ نفسه. فهو سبحـــانه سميع ذو سمع، ونحن نصف الله تعالى بما وصف به نفسه بلا تحديد أو تكييف، يقول تعالى: {..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11].
2- إن سمع الله تبـــارك وتعالى ليس كسمع أحد من خلقه. فسمعه سبحانه وتعالى مُستغرق لجميع المسموعات، لا يعزب عن سمعه مسموع وإن دق وخفي، سرًا كان أو جهرًا. عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها وما أسمع ما تقول، فأنزل الله: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا..} (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).
3- لا يستجيب الله تعالى دعـــاء اللاهي والمرائي، إنما يستجيب للدعـــاء الخـــالص. عن عبد الرحمن بن يزيد قال: "كان الربيع يأتي علقمة يوم الجمعة فإذا لم أكن ثمة، أرسلوا إليَّ فجاء مرة ولست ثمة، فلقينى علقمة وقال لي: ألم تر ما جاء به الربيع؟ قال: ألم تر أكثر ما يدعو الناس وما أقل إجابتهم، وذلك أن الله عزَّ وجلَّ لا يقبل إلا الناخلة من الدعاء، -الناخلة: الدعاء الخـــالص الذي لا تشوبه شائبة-، قلت: أو ليس قال ذلك عبد الله -أي:عبد الله بن مسعود؟- قال: وما قال؟ قال: قال عبد الله: لا يسمع الله من مسمع ولا من مراء ولا لاعب، إلا داع دعا بتثبت من قلبه" (صحيح الأدب المفرد:606)

حظ المؤمن من اسم الله تعالى السميع:
1- الله سبحـــانه وتعالى يسمع دبيـــب قلبك.. فالحذر الحذر أن يجد قلبك مُعْرِضًا عنه سبحـــانه، مُقبلاً على ما لا يرضى!
2- دوام الدعاء لله تبارك وتعالى.. فهو سبحانه وتعالى سميع الدعاء، فلُذ بربِّك والجأ إليه بكثرة الدعاء، وخذ بأسباب الإجابة حتى يكون دعاءك أحرى للقبول إن شاء الله تعالى.. ادعُ ربَّك وأنت موقن بالإجابة، بقلب يقظ غير غافل، متحريًا ساعات إجابة الدعاء..
3- أكثر من الشكوى لربِّك السميع سبحـــانه. كما كان نبي الله يعقوب يقول {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ.} [يوسف:86]. وكما كان حال إبراهيم عليه السلام: {..إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة:114]، أي: كثير التأوه، كهيئة المريض المتأوه من مرضه، فكان كثير الشكاية والدعـــاء لربِّه، حَلِيمٌ بين الناس أي: ذو رحمة بالخلق، وصفح عما يصدر منهم إليه من الزلات، لا يستفزه جهل الجاهلين، ولا يقابل الجاني عليه بجرمه، فاشكُ حــالك إلى ربِّك السميـــع البصيـــر، الذي يسمع كلامك ويرى مكانك ويعلم سرك ونجـــواك.
4- الله تعالى يسمع دعــائك في كل حـــال.. قال تعالى: {..وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء:110]، سواءً جهرت بدعائك أو أسررت به، يسمعك الله تعالى، فادعُ بصوت أدعى للخشوع والإخلاص، ولا تتكلَّف.
5- دوام المراقبـــــة لله سبحانه وتعالى في السر والعلن.. فالمؤمن الموحِد يراقب ربَّه في سره وعلانيته؛ لعلمه أن ربَّه يسمعه من فوق عرشه وأنه عليمٌ بسره ونجواه، والآية التي ترتعد منها الفرائص، قوله تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف:80]، فإلى أين تذهب يــــا مسكيـــن؟! أتحسب أنك ستنفذ من سمع الله عزَّ وجلَّ وبصره؟! فالصــادق في توحيده لربِّه السميــــع، لن يسمع إلا ما يحب ربَّه ويرضـــاه.. 6- احفظ سمعك، يستجب الله دعائك.. فكما إن الله سبحانه وتعالى سميـــع مُجيــب للدعـــاء، ينبغي أن لا يسمع العبد سوى ما يحب ربَّه ويرض، أما إذا صرف العبد حاسة السمع في ما لا يُرضي الله عزَّ وجلَّ؛ كسماع الأغاني والمعازف وسماع المُنكرات، أو التجسس على النــاس، ستكون عقوبته من جنس عمله، فلا يستجيب الله تعالى لدعائه. وحاسة السمع من أهم الحواس وأقواها في الإداراك، لذا قدمها الله تعالى في كلامه عن حواس البشر، قال تعالى: {..إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:36]، فينبغي أن يستغلها العبد في سماع دروس العلم؛ حتى تكون المعلومات أسهل في الاستحضار بعد ذلك، ويحفظ العبد سمعه بالتزامه منهج الله تعالى..
7- من أراد الشهرة وذيـــاع الصيــت، سمَّع الله به، أي فضحه على رؤوس الخلائــق يوم القيــامة.. عن جندب قال: قال النبي: «من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به» (متفق عليه)

كيف ندعو الله سبحـــانه وتعالى باسمه السميـــع؟
ورد الدعـــاء باسم الله تعالى السميـــع في أكثر من موضع من الكتـــاب والسُّنَّة، منها: دعـــاء إبراهيم عليه السلام: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة:127]، وقوله تعالى عن امرأة عمران: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [آل عمران:35]، ودعاء زكريا عليه السلام: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران:38]، وعن أبان بن عثمان قال: "سمعت أبي يقول: قال رسول الله: «ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، فيضره شيء»" (رواه أبو داوود وصححه الألباني)
نسأل الله تبـــارك وتعالى ألا يسمع منا إلا ما يحب ويرضى، وألا يطلِّع في قلوبنـــا إلا على ما يُحب..


المصدر: موقع الكلم الطيب
عاـاـاشق الصمت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2019, 12:43 PM   #7
عضو مميز
 
الصورة الرمزية عاـاـاشق الصمت
 
تاريخ التسجيل: 1 - 10 - 2011
الدولة: لامكان لاوطن
المشاركات: 11,897
معدل تقييم المستوى: 6071
عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute
افتراضي رد: شرح وأسرار الأسماء الحسنى (الشيخ هاني حلمي )

(8) اسم الله (العليم)

سبحـــان العالم بكل شيء، الذي لكمال علمه يعلم ما بين أيدي الخلائق وما خلفهم؛ فلا تسقط ورقة إلا بعلمه، ولا تتحرك ذرة إلا بإذنه، يعلم دبيب الخواطر في القلوب حيث لا يطلِّعُ عليها المَلَك، ويعلم ما سيكون منها حيث لا يطلِّعُ عليه القلب.

ورود اسم الله تعالى العليـــم في القرآن الكريـــم:
ورد اسمه العليم في القرآن 157 مرة؛ وفي هذا دليل على أهميته،وقد قرن الله تعالى بينه وبين بعض الأسماء، منها:
اسمه الحكيــم: قال تعالى: { {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} } [البقرة:32]. فالعلم يؤدي إلى الحكمة، ولا يجتمع العلم مع التهور والطيش. وعلم الله تعالى مقرونًا بالحكمة، أي: وضع كل شيءٍ في مساره.
واسمه السميع: قال تعالى { {قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} } [الأنبياء:4]. لأن العلم يتم تحصيله عن طريق الحواس، وأقوى الحواس هي حاسة السمع .. لذا ينبغي أن لا تتوقف عن الاستماع لدروس العلم، فالقراءة وحدها لا تكفي؛ لأن أقوى طريق للمعرفة هو السمــاع. فالسمع يؤدي إلى العلم .. وهو سبحانه وتعالى يسمع كل شىء حتى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء.. لذا كان هو الأحق بالعلم جلَّ جلاله.

معنى الاسم ودلالته في حق الله تعالى:
العليم من العلم وهو نقيض الجهل، وعَلِمتُ الشيء: أي عرفته وخبرته.. فالعلم لا يقتصر على معرفة الظاهر، وإنما ينضم إليــه معرفة حقيقة الشيء.. وهذا متعذرٌ في حق العبد تجاه الله تعالى؛ لذا لا يصح أن تقول: عَلِمتُ الله وإنما تقول: عرفت الله.
وشتـــان بين علمٍ مقيد محدود وعلمٍ مُطلق بلا حدود .. فسبحانه وتعالى في كمال علمه وطلاقة وصفه، فعلمه فوق علم كل ذي علم .. كما قال الله تعالى: { {نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} } [يوسف:76]. فعلم الله تعالى: علمٌ بما كــــان، وما هو كــائن، وما سيــكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون. أحـــاط علمه سبحانه وتعالى بجميع الأشياء ظاهرها وباطنها، دقيقها وجليلها.

فاسم الله تعالى العليـــم، أشتمل على مراتب العلم الإلهي وهي أربعة:
1- علمه بالشيء قبـل كونه، وهو سر الله في خلقه، لا يعلمه ملكٌ مُقرَّب ولا نبيٌ مُرسل .. ويُسمى علم التقدير ومفتاح ما سيصير، ومن هم أهل الجنة ومن هم أهل السعير؟ فكل أمور الغيب قدرها الله في الأزل ومفتاحها عنده وحده ولم يزل.. لذلك قال تعالى { {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} } [الأنعام:59]، وقال سبحــانه { {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} } [لقمان:34].
2- علمه بالشيء وهو في اللوح المحفوظ بعد كتابته وقبل إنفاذ أمره ومشيئته. فالله عزَّ وجلَّ كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم بخمسين ألف سنة، والمخلوقات في اللوح قبل إنشائها عبارة عن كلمات .. يقول الله جلَّ وعلا: { {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} } [الحج:70] .. وقال تعالى { {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} } [الحديد:22].
3- علمه بالشيء حال كونه وتنفيذه ووقت خلقه وتصنيعه. يقول الله تعالى { {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَار . عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} } [الرعد:9،8]، وقال تعالى { {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} } [سبأ:2].
4- علمه بالشيء بعد كونه وتخليقه وإحاطته بالفعل بعد كسبه وتحقيقه. فالله عزَّ وجلَّ يعلم ما سيفعل المخلوق بعد خلقه، ويعلم تفاصيل أفعاله وخواطره وحديث نفسه، يقول تعالى { {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} } [التوبة:78].

وتلك المراتب الأربع السابقة.. ذُكِرت في قول الله جلَّ وعلا { {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} } [الأنعام:59]. فالله سبحـــانه وتعالى عـــالمٌ بكل شيءٍ في كل وقتٍ وفي كل حيـــن.

يقول ابن القيم: وَهُوَ العليمُ أَحَاطَ عِلْماً بِالَّذِي***في الكونِ مِنْ سِرٍّ ومنْ إِعْلانِ وبكلِّ شَيْءٍ عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ***فهوَ المحيطُ وليسَ ذا نِسْيَانِ
ويقول أيضًا: وكذاكَ يَعْلَمُ ما يَكُونُ غَداً وما***قدْ كانَ والموجودَ في ذا الآنِ وكذاكَ أَمْرٌ لمْ يَكُنْ لوْ كانَ كيـ ***ـفَ يكونُ ذاكَ الأمرُ ذا إِمْكَانِ القصيدة النونية (241).

حظ المؤمن من اسم الله تعالى العليــم
1) إيمانه بالقضـــاء والقدر. فيصدق تصديقًا جازمًا بأن قدر الله سبحانه وتعالى لا يأتي إلا بالخير؛ لأنه الله عزَّ وجلَّ عـــالم بكل شيء وهو الحكيـــم سبحــــانه.
2) العلم عبـــادة القلب. فلا ينبغي أن يتوقف الإنسان أبدًا عن طلب العلم؛ لإنه إذا توقف سيفسد قلبه. ولا بد في طلب العلم من منهجية .. بحيث لا يُقدِم شيء على الكتــــاب والسُّنَّة. كما لا بد له من مرحلية .. بحيث يبدأ بتعلُّم فرض العين عليه من العلوم الشرعية، وبعدها يتدرج في تعلُّم العلم الذي ينفعه.
3) العلم يورث الخشيــــة. كما في قوله تعالى { {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} } [فاطر:28].
4) العلم يورث الحيـــــاء من الله عزَّ وجلَّ. فعندما يعلم أن الله سبحانه وتعالى يعلم سره وعلانيته، سيستحيي من ربِّه أن يطلِّع على قلبه فيجد فيه ما يكرهه وتعلقات بدنيـــا فانيــــة.
5) الطريـــق للعلم النـــافع هو التقوى. فالله سبحـــانه وتعالى لن يستودع قلبك معرفته ومحبته إلا إذا شـــاء.. { {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} } [البقرة:255]، فإن كنت تريد أن يمُنَّ الله عزَّ وجلَّ عليك بالعلم النـــافع، عليك بالتقوى والطاعة له سبحانه وتعالى، يقول تعالى { {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} } [البقرة:282].
6) مهما بلغت من العلم، فهو قليــــل. كما جاء في قصة موسى عليه السلام والخضر لما رَكِبا السفينة: «..فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى، مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِي الْبَحْر»(صحيح البخاري). فإيـــاك أن تتكبَّر بعلمك..
والحل: أن تنظر إلى من هو أعلى منك علمًا، فتعلم قدرك الحقيقي. دعــاء المسألة باسمه تعالى العليم: على العبد أن يسأل ربَّه تبارك وتعالى باسمه العليم؛ حتى يفتح عليه بالعلم ويَمُنَّ عليه بمعرفة ما خفيَ عنه من الخير؛ لأن ليس كل ما خَفِيَ عنك فيه الخير، فلا نسأل إلا عما يفيدنا في أمر ديننا وينبغي أن يترتب على هذا العلم العمل.

وقد ورد الدعاء باسمه العليـــم في دعاء إبراهيم عليه السلام { {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} } [البقرة:127]. وكان النبي يفتتح صلاته بالاستعاذة بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم .. عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله إذا قام من الليل كبر ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثًا، ثم يقول: الله أكبر كبيرًا ثلاثًا، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.» (رواه أبو داوود وصححه الألباني). وسُألت عائشة رضي الله عنها: بما كان يستفتح النبي صلاته إذا قام من الليل؟، قالت: كان يقول: «اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة .. أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك لتهدي إلى صراط مستقيم» (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني).

وما أحوجنا لهذا الدعاء في زمن الفرقة والشتات، فادعُ ربَّك العليم أن يهدك إلى الحق وسبيل الرشـــــاد في زمن الفتن وإتبـــاع الأهواء. نسأل الله تعالى أن يُعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علمًا ينفعنا.


المصدر: موقع الكلم الطيب
عاـاـاشق الصمت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2019, 12:44 PM   #8
عضو مميز
 
الصورة الرمزية عاـاـاشق الصمت
 
تاريخ التسجيل: 1 - 10 - 2011
الدولة: لامكان لاوطن
المشاركات: 11,897
معدل تقييم المستوى: 6071
عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute
افتراضي رد: شرح وأسرار الأسماء الحسنى (الشيخ هاني حلمي )

(9) اسم الله الفتاح

الحمد لله الفتَّاح العليم، يمن على من يشاء من عباده بالفتح والفهم فيوفقهم ويهديهم، ويفتح لهم المغاليق سبحانه وتعالى.

ورود اسم الله الفتَّاح في القرآن العظيم:
ورد اسم الله الفتاح مرة واحدة في قوله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ:26]، وورد مرة واحدة بصيغة الجمع، في قول الله عزَّ وجلَّ: {..رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف:89].

معنى الاسم ودلالته في حق الله تعالى:
المعنى الأول: الفتاح الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده أجمعين، ويفتح المُنغلق عليهم من أمورهم وأسبابهم، ومنها قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ..} [الأعراف:96]، أي: لو أنهم امتثلوا لأمرنا وراعوا قدرنا في السر والعلانية، لكان من جزاء ذلك أن يُفتِحَ لهم من رحمته وأن يُنزل عليهم من فيض رزقه: {..وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96]. ومنها قول الله تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر:2]، يخبر تعالى أنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، فلو فتح الله تعالى المطر على الناس، فمن ذا الذي يحبسه عنهم؟ ولو حبس عن عباده القطر والنبات سنين طويلة، لما استطاعوا أن يفتحوا ما أغلقه الله سبحانه وتعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [يونس:17].
والمعنى الثاني: الفتاح الذي يفتح أبواب الامتحان والبلاء للمؤمنين الصادقين، قال تعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام:44]، فهذه عقوبة الذين لا يذكَّرون برسائل الله تعالى المتتالية. فالله عزَّ وجلَّ يُرسل إليك في كل ثانية من عمرك رسالة، فإما أن تفهمها وإما أنك تغفل عنها، فتكون عقوبة الغافل أن تزداد عليه المحن والابتلاءات لعله يُفيق من غفلته، فتأتيه الابتلاءات من كل الطرق؛ يُبتلى في بيته وفي عمله ورزقه.. وحتى فيما بينه وبين نفسه، فيشعر بالوحشة، ويظل يُبتلى حتى يعود، وقد يكون من هذا الابتلاء أن يزداد في النِعَم زيادة في إقامة الحُجج عليه، فيكون من شأنه أن يفرح، وحينها تأتيه العقوبة فجأة: {..حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام:44]، مُبْلِسُونَ: أي حائرون تائهون. والمعنى الثالث: الفتاح الذي يحكم بين العباد فيما هم فيه يختلفون، كما في قوله تعالى: {..رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف:89]، فالفتاح: صفة جمالٍ وجلال، لإنه سبحانه وتعالى يفتح أبواب رحمته ورزقه للطائعين، كما إنه قد يفتح أبواب البلاء والهلاك على الكافرين، ويفتح قلوب المؤمنين، وعيون بصائرهم؛ ليبصروا الحق، فإذا ضاقت عليك الطُرُق وضاقت عليك الأرض بما رَحُبَت، فالجأ إلى ربِّك الفتاح، يفتح لك كل عسير، وييسر لك أمرك. يقول ابن القيم في القصيدة النونية (245): وَكَذِلكَ الفَتَّاحُ مِنْ أَسْمَائِهِ *** والفَتْحُ في أَوْصَافِهِ أَمْرَانِ فَتْحٌ بِحُكْمٍ وَهْوَ شَرْعُ إِلَهِنَا *** والفَتْحُ بالأَقْدَارِ فَتْحٌ ثانِ والربُّ فَتَّاحٌ بذَيْنِ كِلَيْهِمَا *** عَدْلاً وإِحْسَاناً مِنَ الرَّحْمَنِ

آثار الإيمان بهذا الاسم:
1- الله سبحانه وتعالى هو الحاكم بين عباده في الدنيا والآخرة، يحكم بينهم بالقسط والعدل، يفتح بينهم في الدنيا بالحق بما أرْسَلَ من الرسل وأنزل من الكتب، وهذا يتضمن من الصفات كل ما لا يتم الحكم إلا به، فطالما إنه يحكم بينهم، فهذا يتضمن أنه سبحانه وتعالى حكيم وعدل إلى غيره من الصفات التي تليق به سبحانه وتعالى.. وهذا يدل على الجزاء العدل على أعمال الجوارح والقلوب.. فهو عالم بأسرار الأمور وبواطنها سبحانه وتعالى، ويُجازي على معاصي القلوب كما يجازي على معاصي الجوارح، وهو يختص بالفصل والقضاء بين عباده بالقِسط والعدل، والحاكم في الحقيقة هو الله جلَّ وعلا.. وإن حُكِم بغير حكم الله، فليس بحاكم إنما هو ظالم، يقول تعالى: {..وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة:45].
2- الله سبحانه يحكم بين عباده في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويفتح بينهم بالحق والعدل.. لذلك توجهت الرُسُل إلى الله الفتاح أن يفتح بينهم وبين قومهم المعاندين في ما حصل بينهم من الخصومة والجدال، وهذه رسالة إلى الدُعاة أن ينهجوا نهج الأنبياء والرُسُل في معاملة قومهم، فحينما يشعر بأن دعوته لقومه لا تُجدي نفعًا، يلهج بالدعاء إلى ربِّه الفتاح، كما دعا نوح عليه السلام: {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ . فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء:117-118].
3- الله سبحانه هو الفتاح يوم القيامة، الذي يحكم بين عباده فيما كانوا يختلفون فيه في الدنيا.. فالله جلَّ وعلا لا تخفى عليه خافية، وهو سبحانه لا يحتاج إلى شهود ليفتح بين خلقه، وما كان غائبًا عما حدث في الدنيا، يقول تعالى: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ} [الأعراف:7]، ويقول جلَّ وعلا: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [يونس:61]، فكل خطاراتك وسكناتك تُسجل، ولكن الله سبحانه وتعالى لا يُحاسبك إلا على ما عِملت بالفعل، وقد سمى الله تعالى يوم القيامة بيوم الفتح، لأنه يوم القضاء بين العباد، يقول تعالى: {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} [السجدة:29].
4- الله سبحانه وتعالى متفردٌ بعلم مفاتح الغيب، قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ..} [الأنعام:59]، وقد عددها في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان:34].
5- الفتح والنصر من الله سبحانه وتعالى: فهو يفتح على من يشاء ويذل من يشاء، وقد نسب الله تعالى الفتوح إلى نفسه؛ ليُنبه عباده على طلب النصر والفتح منه لا من غيره، لذلك قال الله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح:1]، وقال جلَّ ثناؤه: {..فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ..} [المائدة:52]، وقال تعالى: {وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف:13]، إذًا، فليس علينا إلا أن نجتهد ونأخذ بالأسباب، أما النصر فهو من عند الله سبحانه وتعالى.
6- الله تعالى بيده مفاتيح خزائن السماوات والأرض، قال تعالى: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الشورى:12].
7- وقد يفتح الله تعالى أنواع النِعم والخيرات على الناس استدراجًا لهم، فإذا تركوا ما أُمِروا به، ووقعوا في ما نُهوا عنه عوقِبوا بالاستدارج.
8- والحكمة والعلم والفقه في الدين من الأمور التي يفتحها الله على من يشاء من عباده.. يقول الله عزَّ وجلَّ: {..وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ..} [البقرة:282]، ويقول جلَّ وعلا: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الزمر:22]. يقول القرطبي: "وهذا الفتح والشرح ليس له حد، وقد أخذ كل مؤمن منه بحظ.. ففاز الأنبياء بالقسم الأعلى، ثم من بعدهم من الأولياء، ثم العلماء، ثم عوام المؤمنين ولم يُخيِّب الله منه سوى الكافرين".

حظ العبد من اسم الله الفتاح:
1- دوام التوكُّل: أن تعتمد على الله سبحانه وتعالى قبل الأخذ بالأسباب، وأن تطلب منه وحده مفاتيح الخير، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله قام على المنبر فقال: «إنما أخشى عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من بركات الأرض»، وفي رواية: «..ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها»(صحيح البخاري).
2- كن أنتَ مفتاحًا للخير: يقول النبي: «إن هذا الخير خزائن ولتلك الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبدٍ جعله الله عزَّ وجلَّ مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، وويلٌ لعبدٍ جعله الله مفتاحًا للشر مغلاقًا للخير» (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني)، فعليك أن تكون مباركًا حيث ما كنت، وتظل طوال الوقت تُفكِّر في أفكار وطرق لهداية الناس من حولك، وتفتيح أبواب الخير أمامهم.
3- التوحيد والمتابعة للنبي: وهي أعظم المفاتيح للخير والرزق، كما يقول النبي: "«ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله»، وفي رواية: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إلا فُتِحَت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء» (رواه مسلم)، و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصًا، إلا فُتِحَت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنب الكبائر» (رواه الترمذي، وحسنه الألباني). وأعظم أسباب الحرمان: (الذنوب) لا سيما الكبائر.

كيف ندعو الله تعالى باسمه الفتاح؟
ادع ربَّك الفتاح أن يفتح عليك إذا انغلقت في وجهك الأسباب والأمور.. ومن الأدعية الواردة في القرآن والسُّنَّة: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ.. واللهم افتح لي أبواب رحمتك: عند دخول المسجد، قال رسول الله: «إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهمَّ افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهمَّ إني أسألك من فضلك» (رواه مسلم). اللهم افتح لنا أبواب رحمتك وافتح لنا أبواب فضلك واجعلنا من عبادك الصالحين.

المصدر: موقع الكلم الطيب
عاـاـاشق الصمت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2019, 12:44 PM   #9
عضو مميز
 
الصورة الرمزية عاـاـاشق الصمت
 
تاريخ التسجيل: 1 - 10 - 2011
الدولة: لامكان لاوطن
المشاركات: 11,897
معدل تقييم المستوى: 6071
عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute
افتراضي رد: شرح وأسرار الأسماء الحسنى (الشيخ هاني حلمي )

10)اسم الله البصير

البصير سبحانه وتعالى المطلع على خلقه، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد، بل هو بجميعها محيط، ولها حافظ ذاكر، فالسر عنده علانية والغيب عنده شهادة..

المعنى اللغوي: (البصر) في حق الخلق:
حاسة الرؤية أو حِسُّ العين، و(البصيرة): العلم والفطنة. ورود الاسم في القرآن الكريم: ورد الاسم في القرآن اثنتين وأربعين مرة، منها قوله جلَّ وعلا: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء:1]، وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج:61]، وقوله سبحانه: {..وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} [الفرقان:20].

معنى الاسم في حق الله تعالى:
البصير: هو الذي يبصر جميع الموجودات في عالم الغيب والشهادة، الذي يرى الأشياء كلها ظهرت أو خفيت، دقت أو عظمت، وهو الذي يبصر خائنة الأعين وما تخفى الصدور. قال السعدي "البصير الذي يبصر كل شيء وإن دق وصغر، فيبصر دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، ويبصر ما تحت الأرضين السبع، كما يبصر ما فوق السموات السبع. وأيضًا سميع بصير بمن يستحق الجزاء بحسب حكمته، والمعنى الأخير يرجع إلى الحكمة" (تيسير الكريم الرحمن:1:946)

على هذا يكون للبصير معنيان:
الأول: أن له بصرٌ يرى به كل شيء سبحانه وتعالى. الثاني: أنه ذو البصيرة بالأشياء، الخبير بها. يقول ابن القيم في القصيدة النونية: (2:215): وهو البصيرُ يَرَى دبيبَ النَّملةِ *** السـوداءِ تحت الصَّخرِ والصَّوَّانِ ويَرَى مجاري القوت في أعضائِها *** ويَرَى عُروقَ بَيَاضِها بعيانِ ويَرَى خياناتِ العيونِ بلْحظِها *** ويَرَى كذلكَ تقلُّبَ الأجْفَانِ

آثار الإيمان باسم الله تعالى البصيـر:
1- إثبـات صفة الإبصار لله جلَّ شأنه: وهي صفة ثابتة لله عزَّ وجلَّ نؤمن بها ولا ندري كيفيتها، فهو سبحانه: {..لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11]، وصفة البصر من صفات الكمال كصفة السمع.
2- الله جلَّ جلاله هو البصير الذي ينظر للمؤمنين بكرمه ورحمته، ويمن عليهم بنعمته وجنته، ويزيدهم كرمًا بلقائه ورؤيته، ولا ينظر إلي الكافرين إيقاعًا لعقوبته، فهم مخلدون في العذاب محجوبون عن رؤيته، كما قال تعالى: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:15]، وقال: {..أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران:77]، فكما لم تُبصِر قلوبهم، عوقبوا بجنس عملهم بأن حُجِبوا عن ربِّهم في الآخرة، وكم من آيات ونذر يرسلها إلينا ربُّنا عزَّ وجلَّ، ونحن عنها غافلون..!

حظ المؤمن من اسم الله تعالى البصير:
1- دوام الحياء والمراقبة، قال تعالى: {..وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء:17]، فمن عَلِم أن ربَّه بصيرٌ مُطلعٌ عليه، استحى أن يراه على معصية أو في ما لا يُحب، ومن عَلِم أنه يراه، أحسن عمله وعبادته وأخلص فيها لربِّه وخشع، وإذا داوم العبد على تلك المراقبة، بلغ أعلى مراتب الإيمان، كما جاء في حديث جبريل عليه السلام عند ما سأل النبي: «ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (متفق عليه)، فيجب على العبد أن يراقب ربَّه في جميع أحواله، ويوقن أن ربَّه سبحانه وتعالى من فوق عرشه بصيرٌ به.
2- النظر والتفكُّر والاعتبار والتذكُّر: فعلينا أن ننظر في خلق الله تعالى؛ لنرى كمال قدرته فنزداد يقينًا وإيمانًا، يقول الله عزَّ وجلَّ: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ . وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ . وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ . وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية:17-20]، وكذلك التفكُّر والاعتبار من أحوال من سبق، فكما أمرنا الله عزَّ وجلَّ أن ننظر في خلقه، أمرنا أن نعتبر بما فُعِل في ما مضى من الأمم الغابرة، يقول تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ . هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:137-138].
3- التوكل على الله سبحانه وتعالى: فالله تبارك وتعالى بصيرٌ بأحوال عباده، خبيرٌ بما يُصلحهم وما يفسدهم، يقول تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء:30]، مما يجعلنا نتوكل عليه سبحانه وتعالى حق التوكل ونفوض إليه جميع أمورنا.
4- الرضا بقضاء الله تعالى وقدره: لأن طالما الله سبحانه وتعالى بصيرٌ بنا شهيدٌ علينا، فهو سبحانه يعلم إن كان ما نسأله عليه من الرزق سيصلحنا أم أن فيه هلاكنا دون أن ندري، قال تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} [الشورى:27]، فلا بد أن نرضى بقضائه لنا.

كيف ندعو الله تعالى باسمه البصير؟
ورد الدعاء باسمه تعالى البصير في مواضع كثيرة، منها: دعاء موسى عليه السلام: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي . وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي . وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي . يَفْقَهُوا قَوْلِي . وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي . هَارُونَ أَخِي . اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي . وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي . كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا . وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا . إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا . قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى..} [طه: 25،36]، أحْسَن في الدعاء، فأناله الله تعالى ما سأل. وكما قال العبد الصالح مؤمن آل فرعون: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ . تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ . لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ . فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر:41-44].

ومن دعاء المسألة أيضًا: الدعاء بمعنى الاسم ومقتضاه، كسؤال العبد ربَّه أن ينير له بصره وبصيرته، كما في قول إبراهيم عليه السلام وهو يطلب من ربِّه في دعائه أن يبصره بمناسك الحج إلى البيت الحرام: {رَبَّنَا وَاجْعَلنَا مُسْلِمَيْنِ لكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَليْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:128]، وكذلك طلب الحق تعالى من سيد الخلق أن يتوكل على الله الذي يراه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ . الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} [الشعراء:217-218]. وكان من دعائه: «اللهم اجعل في قلبي نورًا وفي بصري نورًا..» (متفق عليه)، فكان يدعو الله سبحانه وتعالى أن يفتح له من رحمته، فيُبصِر بقلبه مع عينه ولا يرى إلا مايحب الله جلَّ وعلا. نسأل الله تعالى أن يُبصرنا بعيوبنا، وأن يجعلنا نرى الحق حقًا ويرزقنا إتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنابه، وأن يُبصر قلوبنا بحقائق الأمور، فلا تزيغ ولا تنحرف عن طريق الهداية.

المصدر: موقع الكلم الطيب
عاـاـاشق الصمت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2019, 12:44 PM   #10
عضو مميز
 
الصورة الرمزية عاـاـاشق الصمت
 
تاريخ التسجيل: 1 - 10 - 2011
الدولة: لامكان لاوطن
المشاركات: 11,897
معدل تقييم المستوى: 6071
عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute عاـاـاشق الصمت has a reputation beyond repute
افتراضي رد: شرح وأسرار الأسماء الحسنى (الشيخ هاني حلمي )

(11)الستير

من أعظم نِعَم الله تعالى عليك: أن يشملك بستره، فالله سبحانه وتعالى سِتيرٌ يحبُّ السَّتر والصَّون، فيستر على عباده الكثير من الذنوب والعيوب، ويكره القبائح والفضائح والمجاهرة بها.. الستير سبحانه هو الذي يحب الستر ويبغض القبائح، ويأمر بستر العورات ويبغض الفضائح، يستر العيوب على عباده وإن كانوا بها مجاهرين، ويغفر الذنوب مهما عَظُمَت طالما أن عبده من الموحدين، وإذا ستر الله عبدًا في الدنيا ستره يوم القيامة.

المعنى اللغوي للاسم:
الستير في اللغة على وزن فعِيل من صيغ المبالغة، فعله ستر الشيء يَسْتُرُه سَترًا: أَخفاه، والستير: هو الذي من شأْنه حب الستر والصَّوْن والحياء، والسُّتْرةُ: ما يُستَر به كائنًا ما كان، وكذا السِّتَارة والجمع السَّتَائِرُ، وسَتَر الشيء غطاه، وتَسَتَّر، أي: تغطى، ورجلُ مستور وسَتِيرٌ، أي: عَفيف، والجارية: سَتِيرة. ورود الاسم في السُّنَّة النبوية: لم يرد الاسم في القرآن الكريم، لكنه ورد في الحديث عن عطاء عن يعلى: "أن رسول الله رأى رجلاً يغتسل بالبراز (أي: بالخلاء) فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ، يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ» (رواه النسائي وصححه الألباني، صحيح الجامع:1756).

معنى الستيـر في حق الله تعالى:
يقول ابن الأثير: "ستيــر: فعيل بمعنى فاعل، أي: من شأنه وإرادته حبُّ السَّتر والصون". ويقول البيهقي: "ستيــر: يعني أنه ساتِرٌ يستر على عباده كثيرًا، ولا يفضحهم في المشاهد. كذلك يحبُّ من عباده السَّتر على أنفسهم، واجتناب ما يَشينهم، والله أعلم"، قال المناوي: "ستيــر، أي: تاركٌ لحب القبائح، ساتر للعيوب والفضائح".

قال ابن القيم (القصيدة النونية:189):
وهو الحَيِيُّ فَلَيسَ يَفْضَحُ عَبْدَهُ *** عندَ التَّجَاهُرِ مِنْهُ بالعِصْيَانِ لَكِنَّهُ يُلْقِي عَلَيْهِ سِتْرَهُ *** فَهْوَ السَّتِيرُ وصَاحِبُ الغُفْرَانِ

آثــار الإيمان باسم الله تعالى الستيــر:
قال تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان من الأية:20]. قال مقاتل: "أن الظاهرة الإسلام، والباطنة ما ستره الله من المعاصي" (تفسير الماوردي). فمن أعظم نِعَم الله تعالى عليك: أن يشملك بستره، فالله سبحانه وتعالى سِتيرٌ يحبُّ السَّتر والصَّون، فيستر على عباده الكثير من الذنوب والعيوب، ويكره القبائح والفضائح والمجاهرة بها، وقد أمر تبارك وتعالى بالسَّتر، وكره المفاخرة بالمعصية، أو مجرد محبة ذكرها وشياعها بين المؤمنين، يقول الله جلَّ وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور:19]. وأخبر الرسول بأن المُجاهر بالمعاصي لا يُعافى منها، فقال: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ» (متفق عليه). قال الكرماني: "ومُحَصَّل الكلام: أن كلُّ واحدٍ من الأمة يُعفى من ذنبه، ولا يؤاخذ به إلا الفاسق المُعْلِن".

الفرق بين الستر والغفران:
قال أبو البقاء الكفوي: "الغفران: يقتضي إسقاط العقاب ونيل الثواب ولا يستحقه إلا المؤمن ولا يستعمل إلا من الباري تعالى"، لذلك يقول تعالى {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران من الأية:135]، "والغفران في الآخرة فقط، والستر: أخص من الغفران، إذ يجوز أن يستر ولا يغفر" (كتاب الكليات: [1/1058]).

حظ المؤمن من اسم الله تعالى الستيـــر:
كيف تفوز بستر الله تعالى عليك؟ إليـــك بعض أسبــاب الفوز بستر الله تعالى عليك:
1) الإخلاص واجتناب الريـــاء: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ» (متفق عليه).
2) عدم المجاهرة بالذنب والستر على نفسه: فلو ستر نفسه، لكان في محل ستر الله تبارك وتعالى له، فليس عندنا كرسي اعتراف ولا صناديق غفران، فمن اقترف ذنبًا وهتك سترًا فليبادر بالتوبة من قريب والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وتأخير التوبة ذنب يجب التوبة منه. عَنْ مَيْمُوْنٍ قَالَ: "مَنْ أَسَاءَ سِرّاً، فَلْيَتُبْ سِرّاً، وَمَنْ أَسَاءَ عَلاَنِيَةً، فَلْيَتُبْ عَلاَنِيَةً، فَإِنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُوْنَ وَلاَ يَغْفِرُوْنَ، وَالله يَغْفِرُ وَلاَ يُعَيِّرُ" (سير أعلام النبلاء: [9/81])، وعن العلاء بن بذر قال: "لا يعذب الله قومًا يسترون الذنوب"، وعن عثمان بن أبي سودة قال: "لا ينبغي لأحد أن يهتك ستر الله. قيل: وكيف يهتك ستر الله؟ قال: يعمل الرجل الذنب فيستره الله عليه فيذيعه في الناس". قالَ ابن بَطّال: "فِي الجَهر بِالمَعصِيَةِ استِخفاف بِحَقِّ الله ورَسُوله وبِصالِحِي المُؤمِنِينَ، وفِيهِ ضَرب مِنَ العِناد لَهُم، وفِي السِّتر بِها السَّلامَة مِنَ الاستِخفاف، لأَنَّ المَعاصِي تُذِلّ أَهلها، ومِن إِقامَة الحَدّ عَلَيهِ إِن كانَ فِيهِ حَدّ ومَن التَّعزِير إِن لَم يُوجِب حَدًّا، وإِذا تَمَحَّضَ حَقّ الله فَهُو أَكرَم الأَكرَمِينَ ورَحمَته سَبَقَت غَضَبه، فَلِذَلِكَ إِذا سَتَرَهُ فِي الدُّنيا لَم يَفضَحهُ فِي الآخِرَة ، والَّذِي يُجاهِر يَفُوتهُ جَمِيع ذَلِكَ" (فتح الباري: [10/487]). فإذا وقع العبد في معصية ثمَّ تاب منها دون أن يجهَر بها، ستره الله في الدنيا والآخرة.. عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟، فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَيْ رَبِّ .. حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ، الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود من الأية:18]» (متفق عليه).
3) الاستغفار والإكثـــار من العبادات: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:"كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، قَالَ: وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ، قَالَ: وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ أَوْ قَالَ حَدَّكَ» (متفق عليه)، فالأصل أن تستر على نفسك إذا وقعت في ذنبٍ ما، وعليك أن تُكْثِر من الصلاة ومن العبادات والاستغفار وتُجدد توبتك.
4) أن تستر على أخيـــك المسلم: فإن الجزاء من جنس العمل، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا، إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (صحيح مسلم). عن علام بن مسقين قال: "سأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد، رجل عَلِمَ من رجل شيئًا، أيفشي عليه؟، قال: يا سبحان الله! لا". ومن الستر: تغطية المسلم لعيوب أخيه، قال رسول الله: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (صحيح البخاري)، يقول ابن حجر: "قَوله: «ومَن سَتَرَ مُسلِمًا»؛ أَي رَآهُ عَلَى قَبِيحٍ فَلَم يُظهِرهُ أَي لِلنّاسِ، ولَيسَ فِي هَذا ما يَقتَضِي تَرك الإِنكار عَلَيهِ فِيما بَينَهُ وبَينَهُ. ويحمل الأَمرُ فِي جَوازِ الشَّهادَةِ عَلَيهِ بِذَلِكَ عَلَى ما إِذا أَنكَرَ عَلَيهِ ونَصَحَهُ فَلَم يَنتَهِ عَن قَبِيحِ فِعلِهُ ثُمَّ جاهَرَ بِهِ. كَما أَنَّهُ مَأمُورٌ بِأَن يَستَتِرَ إِذا وقَعَ مِنهُ شَيء، فَلَو تَوجَّهَ إِلَى الحاكِمِ وأَقَرَّ لَم يَمتَنِع ذَلِكَ والَّذِي يَظهَرُ أَنَّ السَّترَ مَحَلّه فِي مَعصِيَةٍ قَد انقَضَت، والإِنكارَ فِي مَعصِيَةٍ قَد حَصَلَ التَّلَبُّس بِها فَيَجِبُ الإِنكارُ عَلَيهِ وإِلاَّ رَفَعَهُ إِلَى الحاكِمِ، ولَيسَ مِنَ الغِيبَةِ المُحَرَّمَةِ بَل مِنَ النَّصِيحَةِ الواجِبَةِ، وفِيهِ إِشارَةٌ إِلَى تَركِ الغِيبَةِ لأَنَّ مَن أَظهَرَ مَساوِئَ أَخِيهِ لَم يَستُرهُ" (فتح الباري: [97/5]). واعلم أنَّ النَّاس على ضربين: أحدهما: من كان مستوراً لا يُعرف بشيءٍ مِنَ المعاصي، فإذا وقعت منه هفوةٌ، أو زلَّةٌ ، فإنَّه لا يجوزُ كشفها، ولا هتكُها، ولا التَّحدُّث بها، لأنَّ ذلك غيبةٌ محرَّمة، وهذا هو الذي وردت فيه النُّصوصُ، وفي ذلك قد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور:19]، والمراد: إشاعةُ الفَاحِشَةِ على المؤمن المستتر فيما وقع منه، أو اتُّهِمَ به وهو بريء منه، كما في قصَّة الإفك. والثاني: من كان مشتهراً بالمعاصي، معلناً بها لا يُبالي بما ارتكبَ منها، ولا بما قيل له فهذا هو الفاجرُ المُعلِنُ، وليس له غيبة، كما نصَّ على ذلك الحسنُ البصريُّ وغيره، ومثلُ هذا لا بأس بالبحث عن أمره؛ لِتُقامَ عليه الحدودُ، ومثلُ هذا لا يُشفَعُ له إذا أُخِذَ، ولو لم يبلغِ السُّلطان، بل يُترك حتّى يُقامَ عليه الحدُّ لينكفَّ شرُّه، ويرتدعَ به أمثالُه، قال مالك: "من لم يُعْرَفْ منه أذى للناس، وإنَّما كانت منه زلَّةٌ، فلا بأس أنْ يُشفع له ما لم يبلغ الإمام، وأمَّا من عُرِفَ بشرٍّ أو فسادٍ، فلا أحبُّ أنْ يشفعَ له أحدٌ، ولكن يترك حتى يُقام عليه الحدُّ" (جامع العلوم والحكم: [38/11-12]، بتصرف). ومن الستر على المسلم: أن لا تنعت المرأة امرأة أخرى لزوجها، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا» (متفق عليه)، وهذا للأسف ينتشر بين المسلمات حتى المتدينات منهن، وينبغي أن لا تصف المرأة امرأة أخرى لزوجها.
5) عدم تتبع عورات المسلمين: عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته» (رواه أبو داوود وقال الألباني: حسن صحيح 4880)، وعن ابن عباس عن النبي قال: «من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته» (رواه ابن ماجه وصححه الألباني: 2546).
6) الصدقـــة: فالصدقة من أسباب الستر وأن يحجبك الله تعالى عن النار، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ» (صحيح مسلم).
7) ستر المسلم عند تغسيله: قال رسول الله: «من غسل ميتًا فستره، ستره الله من الذنوب. ومن كفنه، كساه الله من السندس» (رواه الطبراني وحسنه الألباني، صحيح الجامع: 6403).
8) عدم إفشــاء أسرار الزوجين: قال رسول الله: «هل منكم رجل إذ أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله»، قالوا: نعم، قال: «ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلت كذا فعلت كذا»، فسكتوا، ثم أقبل على النساء فقال،«هل منكن من تحدث؟»، فسكتن، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله ليراها ويسمع كلامها فقالت: يا رسول الله، إنهم ليحدثون وإنهن ليحدثن، فقال: «هل تدرون ما مثل ذلك؟، إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانًا في السكة فقضى حاجته والناس ينظرون إليه، ألا إن طيب الرجال ما ظهر ريحه ولم يظهر لونه، ألا إن طيب النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه» (رواه أبو داوود وصححه الألباني، صحيح الجامع: 7037)
9) كظم الغيظ والغضب: قال رسول الله: «ومن كف غضبه ستر الله عورته» (رواه ابن أبي الدنيا وحسنه الألباني، صحيح الجامع: 176).
10) الدعـــاء: عن ابن عمر قال: لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: «اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي» (رواه أبو داوود وصححه الألباني: 5074)
. 11) حُسن الظن بالله: فمن جملة الخير أن يُحسن العبد ظنه بربِّه ويُحسن الظن بأنه سيستره في الدنيا والآخرة، فالله جلَّ في علاه هو الستيـــر يحب الستر على عباده ويسترهم في الدنيا والآخرة، يقول الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر» (صحيح الجامع: 1905).
12) الإحســان إلى البنــات: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ»" (متفق عليه).
13) تأدية حق الله في المال: فإذا أديت حق الله في مالك، سترك الله، أما إذا لم تؤد حق الله في مالك، نالتك العقوبة. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: «الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ؛ هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ وَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ .. فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا وَلَا رِقَابِهَا فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي مَرْجٍ وَرَوْضَةٍ فَمَا أَكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرْجِ أَوْ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٌ..» (رواه مسلم).
14) عدم التسميع بالفواحش: فلا يجوز إشاعة الفاحشة بين المؤمنين، عن شبيل بن عوف قال: "كان يقال: مَنْ سمَّع بفاحشة فأفشاها فهو فيها كالذى أبداها" (صحيح الأدب المفرد: 325)، فالذي ينشر أخبار المعاصي ويُفشيها، سينال وزر كل من يقع فيها بسببه حتى وإن لم يقع هو في تلك المعصية. 15) حجـــاب المرأة: عن أبي المليح قال: "دخل نسوة من أهل الشام على عائشة ، فقالت: ممن أنتن؟، قلن: من أهل الشام، قالت: لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات، قلن: نعم، قالت: أما إني سمعت رسول الله يقول": «ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى» (رواه أبو داوود وصححه الألباني: 4010)، فالتي تخلع ثيابها في غير بيت أهلها، تهتك الستر الذي أسدله الله تعالى عليها.
16) اجتنـــاب الذنوب والمعاصي: عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» (متفق عليه)، فإذا ظلم العبد نفسه باقتراف الذنوب والمعاصي وتعدى الحدود، فإن الله تعالى يؤاخذه بذنبه ويرفع ستره عنه، أما أن لم يقترف تلك الذنوب، كان في رحمة الله تعالى وسَتَرَهُ الله جلَّ وعلا.
17) الاستتــار وعدم التعري: عن جابر أن النبي قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار» (رواه الترمذي وصححه الألباني، مشكاة المصابيح: 4477)، والحمامات المقصود بها كحمامات البخار وصالات الألعاب الرياضية في عصرنا، فالأصل أن يستتر.
18) غض البصر: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ» (صحيح مسلم).

. هذه بعض أسباب الفوز بستر الله جلَّ وعلا عليك، ومن يشمله بستره، فقد فاز بمحبة الله عزَّ وجلَّ.. سترنا الله وإياكم في الدنيــا والآخرة،،

المصدر: موقع الكلم الطيب
عاـاـاشق الصمت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(الشيخ , الأسماء , الحسني , حلمي , شرح , هاوي , وأسرار

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة
Trackbacks are معطلة
Pingbacks are معطلة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:42 PM

عقارات اليمن


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات اليمن أغلى