منتديات اليمن أغلى YEMEN FORUMS

االسلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
قبل أن أبدأ أرغب أن أعرفكم عن نفسي, لكي نكون واضحين, أنا لست بكاتب ولا أديب و ليست لي أي صلة بهم ,لكني أحب أن أحكي قصص البشر أن أتناقل أخبارهم أن أحكي بلسانهم ,قد يقول البعض أن هذه النميمة وليست من شيم الشرفاء ,قد يكون معكم حق, لكن نيتي السليمة تشفع لي, فأنا هدفي سامي ,نقل العبر و التسلية عن الناس و قتل الضجر و طرد الملل ,آه لقد تماديت في الكلام ونسيت أن أفصح لكم عن كنيتي أنا أسف ,دائما يحدث معي هذا لأن شخصيتي لها علاقة بالكلام ,نعم أنا حكواتي واليوم جئتكم بقصة سأحكيها لكم الآن ,لكن قبل أن أبدأ أرغب من كل من قرأ ما أكتب أن يقفل عينيه و يبصر بأذنيه,فلتتخيلوا أني أمامكم أحكي باللسان ولا أسطر الأحرف بالقلم , لهذا لا تحتجوا على سوء تعبيري و لا تمتعضوا من قلة وصفي و لا تنزعجوا من ركاكة أسلوبي ,ولا تحتقروا قاموسي ,فلكل واحد منا مكانه و أنا لست كاتبا أنا قصاص أستغني عن القلم باللسان ,وبما أنه ما من منتدى لسرد الحكاية قررت أن أقتحم مكانا ليس بمكاني و أن أسمح لقلمي الهزيل أن يخط ما يصدره لساني.

مرة أخرى يلهيني الحديث عن ما أنا قادم لأجله ,سأدخل الآن في الموضوع أتمنى أن تفهموا كلامي وتكملوا القصة للنهاية ,خمس دقائق لن تؤثر إن ضاعت من وقتكم ,حسنا لنبدأ إدا:
كان يا مكان في هذا العصر و الآوان ,كان هناك إنسان يحمل بقلبه أكبر الأحقاد ,أو بالأحرى جعل من فؤاده مستودع كبير وضع به كل الخيانات والغدر الذي طال جسده النحيل,كدس الحقد داخله خزنه في أوردته وشرايينه وقرر أن يرمه في وجه أعدائه في الوقت المناسب,لكن الأيام تدور ومن المحال دوام الحال,نسي صاحبنا الماضي الأليم,وما عاد الغدر إلا غبارا عالقا في الذاكرة, ينظف بين الحين و الأخر بحب جديد,و هكذا نسي هذا الإنسان نهش الأحباب الذي حول الجسم إلا بقايا إنسان تقتات منه الديدان ,فلقد كان الزمن كفيلا بترميم الجراح ,فتناسى هذا الصديق أن العالم مسكن للذئاب الجائعة,المترصدة للانقضاض على فريسة ساذجة , وتسجيل أهداف النصر,نسي صاحبنا الغدر تماما ,تجاهل رؤية نصف وجهه المهشم واكتفى بنصفه الآخر,فعاد إلى براءة الأطفال ,يتصرف بعفوية وعلى سجيته ,أطلق العنان لقلبه وأبطل انتقاء عقله ,تعرف على الكثير من الأصحاب أحبوه واحترموه ,أما هو فقد تعلق بواحد انجذب له, ذاب في شخصيته أحبه واحترمه ,اعتبره أخاه الذي عجز رحم أمه على احتضانه,أمضيا أجمل الأوقات معا بين الذهاب و الإياب ,كان بحر صداقتهما هادئ ما من مد ولا جزر,كانا أقرب إلى المثالية معا ,الكل بات يغبطهم أو ربما يحسدهم على متانة حبل صداقتهما ,صديقنا كان أكثر من فرح بصديقه الجديد,يقضي أوقات وهو يفكر في مشاريعهم المستقبلية ,كيف سيتعاونان على نوائب الدهر ليقهرانها معا,وينجحان معا ,لكن الأحلام لا تتحقق دوما ,والسراب قد يصبح واحات للظمآن,فلقد زمجر البحر ,انقطع مع صدى صوته حبل صداقتها,هطلت الأمطار وغدت طوفان جرف معه كل ما كان يرنو له صاحبنا ,في رمش عين تبخر كل شيء وسار سحابا غطى عيون الشمس, ,فأيقظت الكوابيس صاحبنا من أحلامه ,
لم يستطع أن يدرك ما حدث ,لما تخل عنه ولما في هذا الوقت ,أخذ يهدأ من روعه يلتمس لصاحبه الأعذار التي من أجلها واراه الضباب,أخذ يوهم نفسه بأعذار وهمية ,مع أن الأمر كان واضح للعيان لا يحتاج للتأويل ,انقضت المصالح فما عاد هناك سبب للبقاء ,أسدل الستار على جزأ أخر من مسرحية هزلية كلاسيكية للغدر,ليغرق صاحبنا في حفرة من التساؤلات لا قرار لها ,لكن الأسئلة بدأت تتناسل إلى الذهن ليتناسل الغدر إلى القلب,حقد عليه إلى أبعد حد,تمنى لو أن الحياة تسعفه ليرجع الصاع صاعين ,تمنى لو يشفي غليله منه, لو ينهش فؤاده الذي لا يبقي على الوفاء وما يحتفظ بالود ,لكن الحياة لم تسعفه أو ربما ضعفه هو السبب,المهم عاكسه القدر ,فلم يجد من يفضي له بمعاناته,من يحكي له بما يكابده الفؤاد, بحث و بحث وفي الأخير جلس القرفصاء,وأخذ يجول بأحداقه في أركان الغرفة التي تحولت بدورها إلى خرابة لا تسمع فيها إلا نوادر الشؤم من أفواه الغربان,سقطت عيناه على رزمة ورق فدارت بخلده عدة أفكار,لكنه لم يتردد فبعدما امتلئ غلا ,واستوطن الحقد كيانه قرر اللجوء إلى هذه الصفحات البيضاء لعلها تخمد ناره ,وتبعد الحقد عن باله,فأخذ يكتب و يكتب مع كل حرف كان يرمي درة حقد,وهكذا لمح بصيص أمل قادم من بياض الورق,شكا للورق استعمار الضباع لبلده ,وتنكيلهم بأبناء وطنه,شكا لها زيف المشاعر في قلوب الأحباب,وتنميقهم للكلام ,وضحكهم على الذقون ,امتلأت الأوراق لكن الحقد لم ينقص منه إلا القليل,ولا تزال السموم غارقة في الصدور,فقرر البحت عن من يسمعهم صوته عن من يستمد من تجاربهم الرغبة لقهر الحياة والمضي للأمام,
فأخذ يبحث عن العون ,فدخل للمنتدى, الصدفة فقط من قادته إلا هذا المكان, كان يبحث عن دواء للمرض العضال الذي لحق بهاتفه النقال ,لكنه وجد هذا المكان منتدى القصص القصيرة وجد فيه ضالته و ما هو في حاجة إليه ,أخد يؤلف قصصا يكتبها في هذا المكان ومع كل قصة كان يرمي جزءا من ذاته ,لكن مصيبة ثانية ألمت بصاحبنا المسكين ,فما اهتم بقصصه أحد وما من أحد رد برد محترم ,لم يعرف آن ذاك السبب,فيئس من رد الأعضاء ,فقرر قراءة قصص أخرى ,لعله يجد كاتبا يكتب بقلمه و يعبر عن ذاته ,قرأ قصصا كثيرة,ويوما بعد يوم أخذ يعلم عن سبب هجران الأعضاء لقصصه ,كان قلمه السبب كان ضعيفا إلى حد المرض,ولغته تعاني من الهزال , أما حبكته فكانت أقرب" للفرشة",أحس بالحزن آن ذاك لأنه بدأ يألف المكان, بدأ يحب بعض الأعضاء ,لكنه قرر مغادرة المكان بصمت قبل أن يصبح قلمه أضحوكة المنتدى,فجمع جميع مشاركاته من قصص و ردود و أخذ يحذف الواحدة بعض الأخرى,كان كل حرف يمحيه يتحول إلى سهم جارح يغرس في قلبه المنهك ,بعدما قضى على جميع مشاركاته أحس بحزن عظيم لأنه دخل وها هو يخرج كما دخل,بكى ذلك اليوم على غدر جديد اجتمع فيه جميع الأعضاء بدون دراية منهم,وهكذا أمات حروفه و هم بالخروج ,قبل أن يبتعد عن المكان فوجئ برسالة خاصة ,أخذ يكلم نفسه ممن يا ترى لا أعرف أحد ولا يعرفني أحد فمن بعث لي هذه الرسالة ,لكنه لم ينتظر طويلا فقرر تأجيل الخروج لحين الإطلاع على ما في الرسالة ,فتحها أخذ يتمعن حروفها تفحص اسم باعتها ,كان بداخلها كلام جميل و مشجع ,منحه بعض العزيمة,والرغبة لإكمال المشوار ,وخاصة لأنه كان بحاجة لقشة للبقاء في هذا المكان وكانت أجمل قشة من أجمل إنسانة ,أعادته للمنتدى بعدما مل وجوده فيه وكرهه حتى ,لقد زرعت كلماتها الأمل في قلبه الموجوع,والأهم أعادت الود القديم الذي جمعه بالقلم, أعلمته أن إتقان اللغة ليس شرطا للكتابة ,يكفي أن يحب الإنسان ما يقوم به ليبرع فيه , قالت له أكتب ولا تهتم بالردود, أكتب حتى يتساوى عندك الأشخاص,أكتب حتى تتحرر من الخوف الذي ينتابك بسبب ضعف قلمك,أخبرته كلاما كثيرا لا زال مطبوعا بذاكرته ,فما عاد يهتم بالردود فهي ليست شرطا لنجاح العمل فقد يمر أحدكم ويتفاعل مع الحدث لكنه لا يجد الكلام الذي يعبر به فيخرج من دون أن يثرك أثرا,فأصبح يكتفي بمروركم في صفحته لتتركوا فوقها همساتكم و أريج أنفاسكم.
فمن ذلك اليوم أصبح كل همه أن يدخل للمنتدى ليس ليتفقد قصصه و للانتشاء بالردود, بل يدخل لمراقبة حروفها, للسباحة في بحر كلامها أصبحت لهذه الأحرف و الكلمات طعم خاص في أذنه و فكره, أحب هذه الأحرف الذهبية التي تنطق حكمة.تملكته رغبة جامحة للتعرف على ذاتها المختبئة وراء حروفها, أخذ يجمع الأحرف وبذلك يكون أفكارا عن شخصها,لكنها لم تسعفه فلقد قررت الرحيل قبل أن يجمع جميع الأجزاء ,قررت الذهاب بعيدا و التحليق عاليا بعدما تحررت من الأسر ,واختفت عن الأنظار لتتركه و حيدا ,فمن دونها لا يعرف أحد ولا يعرفه أحد ولا يهتم بمعرفة أحد ,ولا أحد يحل مكانها فهي أميرة المنتدى و فراشته و صاحبته هي كل شيء ,ومن دونها لا قيمة للشيء.فماذا سيبقى بعدها طبعا لا شيء.
هكذا غادرت هذه الإنسانة لتترك صاحبنا و حيدا .