منتديات اليمن أغلى  YEMEN FORUMS

منتديات اليمن أغلى YEMEN FORUMS (http://www.the-yemen.com/vb/index.php)
-   •• التـاريخ والحضارة اليمنية (http://www.the-yemen.com/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   أشهر المعارك التاريخية ... (http://www.the-yemen.com/vb/showthread.php?t=52193)

القلب الجريح 12-04-2011 07:05 PM

أشهر المعارك التاريخية ...
 


أشهر المعارك التاريخية

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــ



على هذه الصفحة سوف أعرض مجموعة من أشهر المعارك التاريخية و التي كانت لها أثر كبير في عصرها أو العصور الاحقة ..

والذي يحب أن يشارك فالمجال مفتوح و الصفحة صفحة الجميع ..


و ايضا لن اعرضها بالتسلسل التاريخي لها و لكن حسب ما يأتي لذاكرتي ربما اتي بمعركة من العصر الاسلامي و بعدها من العصر الجاهلي و لكن العبرة بمضمون المعركة ..


وهذه مواضيع منقولة من عدة مواقع و ليست من كتاباتي و لكن مع تهذيب بسيط للي مو متأكدة منه ..

و لكم كل التقدير و الاحترام ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــ

القلب الجريح 12-04-2011 07:06 PM

رد: أشهر المعارك التاريخية ...
 
حرب البسوس

ـــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــ

وقعت هذه الحرب بين بكر وتغلب

ابني وائل ، وقد مكثت أربعين سنة ، وقعت فيها هذه الأيام : يوم النهى ، ويوم الذنائب ، ويوم واردات ، ويوم عنيزة ، ويوم القصيبات ، ويوم تحلاق اللمم ، وجميعها أسماء مواضع تمت فيها الحروب ، ماعدا تحلاق اللمم لأن بني بكر حلقوا فيه جميعاً رؤوسهم فسمي بذلك. وانتصرت تغلب في أربع حروب، وبكر في واحدة، وتكافأت القبيلتان في حرب واحدة.

وهذه قصة هذه الحروب
:

لما فض كليب بن ربيعة – اسمه وائل وكليب
لقبه ، ولد سنة 440م ، ونشأ في حجر أبيه ، ودرب على الحرب ، ثم تولى رئاسة الجيش : بكر وتغلب زمناً حتى قتله جساس بن مرة سنة 494 م - جموع اليمن في خزا زى وهزمهم اجتمعت عليه معد كلها ، وجعلوا له قسم الملك وتاجه وطاعته ، وغبر بذلك حيناً من دهره ، ثم دخله زهو شديد ، وبغى على قومه لما هو فيه من عزة وانقياد معدّ له ، حتى بلغ من بغيه ، أنه كان يحمي مواقع السحاب فلا يرعى حماه ، وإذا جلس لا يمر أحد بين يديه إجلالاً له ، لا يختبئ أحد في مجلسه غيره ، ولا يغير إلا بإذنه ، ولا تورد إبل أحد ، ولا توقد مع ناره ، ولم يكن بكرى ولا تغلبي يجير رجلا ولا بعيراً أو يحمى إلا بأمره ، وكان يجبر على الدهر فلا تخفر ذمته ، وكان يقول : وحش أرض في جواري ، فلا يهاج ! وكان هو الذي ينزل القوم منازلهم ويرحلهم ، ولا ينزلون ولا يرحلون إلا بأمره، وقد بلغ من عزته وبغيه أنه اتخذ جرو كلب ، فكان إذا نزل به كلأ قذف ذلك الجر وفيه فيعوى ، فلا يرعى أحد ذلك الكلأ إلا بإذنه ، وكان يفعل هذا بحياض الماء فلا يردها أحد إلا بإذنه أو من آذن بحرب ، فضرب به المثل في العز فقيل : أعز من كليب وائل ، وكان يحمى الصيد فيقول : صيد ناحية كذا وكذا في جواري فلا يصيد أحد منه شيئاً.

وتزوج كليب جليلة بنت مرة بن ذهل بن شيبان، وكان لمرة عشرين بنين
جساس أصغرهم ، وكانت بنو جشم ، وبنو شيبان تقيم في دار واحدة إرادة الجماعة ومخافة الفرقة.

وحدث أن كليباً دخل على امرأته جليلة يوماً فقال لها: هل تعلمين على
الأرض أمنع مني ذمة ؟ فسكتت، ثم أعاد عليها الثانية فسكتت، ثم أعاد عليها الثالثة فقالت: نعم، أخي جساس – وهو جساس بن مرة ، كان فارساً شهماً أبياً ، وكان يلقب الحامي الجار ، المانع الذمار ، وهو الذي قتل كليباً ، مات سنة 534 م - وندمانه، ابن عمه عمرة المزدلف بن أبى ربيعة بن ذهل ابن شيبان.فسكت كليب ، ومضت مدة ، وبينما هي تغسل رأسه وتسرحه ذات يوم إذ قال لها : من أعز وائل ؟ قالت: أخواي جساس وهمام. فنزع رأسه من يدها وخرج.

وكانت لجساس خالة اسمها البسوس بنت منقذ، جاءت
ونزلت على ابن أختها جساس، فكانت جارة لبنى مرة، ولها ناقة خوارة، ومعها فصيل لها، فلما خرج كليب غاضباً من قول زوجه جليلة رأى فصيل الناقة فرماه بقوسه فقتله. وعلمت بنو مرة بذلك، فأغمضوا على ما فيه وسكتوا، ثم لقي كليب ابن البسوس فقال له: ما فعل فصيل ناقتكم ؟ فقال: قتلته وأخليت لنا لبن أمه، وأغمضت بنو مرة على هذا أيضاً.

ثم أن كليباً أعاد القول على امرأته فقال: من أعز وائل ؟ فقالت
: أخواي ! فأضمرها في نفسه وأسرها وسكت، حتى مرت به إبل جساس وفيها ناقة البسوس، فأنكر الناقة، ثم قال: ما هذه الناقة ؟ قالوا: لخالة جساس. فقال: أو بلغ من أمر ابن السعدية – أي جساس - أن يجير عليّ بغير إذني ؟ ارم ضرعها يا غلام، فأخذ القوس ورمى ضرع الناقة، فاختلط دمها بلبنها.

وراحت الرعاة على جساس فأخبروه بالأمر،
وولت الناقة ولها عجيج حتى بركت بفناء البسوس، فلما رأتها صاحت: واذلاه ! فقال لها جساس: اسكتي فلك بناقتك ناقة أعظم منها، فأبت أن ترضى حتى صاروا لها إلى عشر، فلما كان الليل أنشأت تقول – بخطاب سعداً أخا جساس وترفع صوتها تسمع جساساً:

يا
أبا سعد لا تغرر بنفسك وارتحل.................... فإني في قوم عن الجار أموات
ودونك أذوادي إليك فإنني.................................. محاذرة أن
يغدروا ببنياتي
لعمرك لو أصبحت في دار منقذ.........................لما ضم سعد
وهو جار لأبياتي
ولكنني أصبحت في دار معشر..................متى يعد فيها الذئب
يعدو وعلى شاتي

فلما سمعها جساس قال لها: اسكتي لا تراعي: إني سأقتل جملاً
أعظم من هذه الناقة، سأقتل غلالاً - وهو فحل إبل كليب لم ير في زمانه مثله، وإنما أراد جساس بمقالته كليباً -.

ثم ظعن ابنا وائل بعد ذلك، فمرت بكر على نهى
- أي غدير - يقال له شبيث ، فنفاه، كليب عنه وقال : لا يذوقون منه قطرة ، ثم مروا على نهى آخر يقال له الأحص ، فنفاهم عنه وقال : لا يذوقون منه قطرة ، ثم مروا على بطن الجريب - واد عظيم - فمنعهم إياه ، فمضوا حتى نزلوا الذنائب ، واتبّعهم كليب وحيه حتى نزلوا عليه ، فمر عليه جساس ومعه ابن عمه عمرو بن الحارث بن ذهل ، وهو واقف على غدير الذنائب ، فقال له : طردت أهلنا عن المياه حتى كدت تقتلهم عطشا ! فقال كليب : ما منعناهم من ماء إلا ونحن له شاغلون. فقال له : هذا كفعلك بناقة خالتي ، فقال له : أوقد ذكرتها أما إني لو وجدتها في غير إبل مرة لا ستحللت تلك الإبل بها ، أتراك مانعي أن أذب عن حماي ، فعطف عليه جساس فرسه فطعنه برمح فأنفذ حضني – الحضن مادون الإبط إلى الكشح- .

فلما تداءمه الموت قال: يا جساس ، اسقني من الماء. فقال
: ما علقت استسقاءك الماء منذ ولدتك أمك إلا ساعتك هذه. فالتفت إلى عمرو وقال له: يا عمرو ، أغثني بشربة ماء ، فنزل إليه وأجهز عليه .

وأمال جساس يده بالفرس
حتى انتهى إلى أهله على فرسه يركضه ، وقد بدت ركبتاه ، ولما رأته أخته قالت لأبيها : إن ذا لجساس آتى كاشفاً ركبتاه ، فقال : والله ما خرجت ركبتاه إلا لأمر عظيم.

فلما جاء جساس قال له : ما وراءك يا بني ؟ قال : ورائي أني قد طعنت
طعنة لتشغلن بها شيوخ وائل زمنا. قال: وماهي ؟ لأمك الويل أقتلت كليبا؟ فقال : نعم، فقال أبوه : إذن نسلمك بجريرتك ، ونريق دمك في صلاح العشيرة ، والله لبئس ما فعلت ! فرقت جماعتك، وأطلت حربها ، وقتلت سيدها في شارف من الإبل ، والله لا تجتمع وائل بعدها ، ولا يقوم لها عماد في العرب ، ولقد وددت أنك وإخوتك كنتم متم قبل هذا ، ما بي إلا أن تتشاءم بي أبناء وائل ، فأقبل قوم مرة عليه وقالوا : لا تقل هذا ولا نفعل فيخذلوه وإياك ، فأمسك مرة .

ولما قتل كليب اجتمع نساء الحي للمأتم، فقلن
لأخت كليب: رحلي جليلة من مأتمك ، فإن قيامها فيه شماتة وعار علينا عند العرب ، فقالت لها : يا هذه ، اخرجي عن مأتمنا ، فأنت أخت واترنا وشقيقة قاتلنا ، فخرجت وهي تجر أعطافها ، فقالت لها أخت كليب : رحلة المعتدي وفراق الشامت ، ويل غداً لآل مرة، من السكرة بعد السكرة، فبلغ قولها جليلة فقالت : وكيف تشمت الحرة بهتك سترها ، وترقب وترها ،أسعد الله جد أختي ، أفلا قالت : نفر الحياء ، وخوف الاعتداء .

ولما ذهبت إلى أبيها مرة قال لها: ما وراءك يا جليلة ؟ فقالت: ثكل العدد
وحزن الأبد ، وفقد حليل ، وقتل أخ عن قليل ، وبين ذين غرس الأحقاد ، وتفتت الأكباد، فقال لها : أو يكف ذلك كرم الصفح وإغلاء الديات ؟ فقالت: أمنية مخدوع ورب الكعبة أبا لبدن تدع لك تغلب دم ربها.

وكان همام بن مرة ينادم المهلهل أخا كليب
وعاقده ألا يكتمه شيئاً. فلما ظعن مره بأهله أرسل إلى ابنه همام فرسه مع جارية ، وأمره أن يظعن ويلحق بقومه. وكانا جالسين، فمر جساس يركض به فرسه مخرجاً فخذيه، فقال همام : إن له لأمراً ، والله ما رأيته كاشفاً فخذيه قط في ركض ، ولم يلبث إلا قليلاً حتى انتهت الجارية إليها ، وهما معتزلان في جانب الحي. فوثب همام إليها، فسارته أن جساساً قتل كليباً، وأن أباه قد ظعن مع قومه، فأخذ همام الفرس وربطه إلى خيمته ورجع ، فقال له المهلهل : ما شأن الجارية والفرس ؟ وما بالك ؟ فقال: اشرب ودع عنك الباطل، قال: وما ذاك ؟ فقال: زعمت أن جساساً قتل كليباً، فضحك المهلهل، وقال: همة أخيك أضعف من ذلك، فسكت. ثم أقبلا على شرابهما ، فجعل مهلهل يشرب شرب الآمن ، وهمام يشرب شرف الخائف ، ولم تلبث الخمر أن صرعت مهلهلا ، فانسل همام وأتى قومه من بنى شيبان ، وقد قوضوا الخيام ، وجمعوا الخيل والنعم ، ورحلوا حتى نزلوا بما يقال له النهى.

ورجع المهلهل إلى الحي سكران ، فرآهم يعقرون خيولهم ، ويكسرون
رماحهم وسيوفهم ، فقال : ويحكم ما الذي دهاكم ؟ فلما أخبروه الخبر قال : لقد ذهبتم شر مذهب ، أتعقرون خيولكم حين احتجتم إليها ؟ وتكسرون سلاحكم حين افتقرتم إليه. فانتهوا عن ذلك، ورجع إلى النساء فنهاهن عن البكاء وقال: استبقين للبكاء عيوناً تبكى إلى آخر الأبد.

ولما أصبح غدا إلى أخيه فدفنه، وقام على قبره يرثيه ،
وما زال المهلهل بيكي أخاه ويندبه ، ويرثيه بالأشعار ، وهو يجتزئ بالوعيد لبنى مرة، حتى يئس قومه ، وقالوا : إنه زير نساء ، وسخرت منه بكر ، وهمت بنو مرة بالرجوع إلى الحمى ، وبلغ ذلك المهلهل فانتبه للحرب ، وشمر ذراعيه ، وجمع أطراف قومه ، ثم جز شعره ، وقصر ثوبه ، وآلى على نفسه ألا يهتم بلهو ولا يشم طيباً ، ولا يشرب خمراً، ولا يدهن بدهن حتى يقتل بكل عضو من كليب رجلاً من بنى بكر بن وائل.


ــــــ
وحث بنى تغلب على الأخذ بالثأر ، فقال له أكابر قومه : إننا نرى ألا تعجل بالحرب حتى نعذز إلى إخواننا ، فبالله ما تجدع بحرب قومك إلا أنفك ، ولا تقطع إلا كفك ! فقال: جدعه الله أنفاً ، وقطعها كفاً ، والله لا تحدثت نساء تغلب أني أكلت لكليب ثمناً ولا أخذت له دية ، فقالوا : لا بد أن تغض طرفك وتخفض جناحك لنا ولهم ، فكره المهلهل أن يخالفهم فينفضوا من حوله ، فقال: دونكم ما أردتم.

وانطلق رهط من أشرافهم وذوي أسنانهم حتى أتوا مرة بن ذهل
فعظموا ما بينهم وبينه، وقالوا له: إنكم أتيتم أمراً عظيماً بقتلكم كليباً بناب من الإبل، وقطعتم الرحم، ونحن نكره العجلة عليكم دون الإعذار، وإننا نعرض عليكم إحدى ثلاث، لكم فيها مخرج ولنا مرضاة.

إما أن تدفعوا إلينا جساساً فنقتله
بصاحبنا، فلم يظلم من قتل قاتله ، وإما أن تدفعوا إلينا هماماً فإنه ند لكليب ، وإما أن تقيدنا من نفسك يا مرة ، فإن فيك رضا القوم.

فسكت وقد حضرته وجوه
بنى بكر بن وائل فقالوا: تكلم غير مخذول ، فقال: أما جساس فغلام حديث السن ركب رأسه، فهرب حين خاف ، فوالله ما أدري أي البلاد انطوت عليه . وأما همام فأبو عشرة وأخو عشرة، ولو دفعته إليكم لصيح بنوه في وجهي وقالوا: دفعت أبانا للقتل بجريرة غيره. وأما أنا فلا أتعجل الموت ، وهل تزيد الخيل على أن تجول جولة فأكون أول قتيل ! لكن هل لكم في غير ذلك ؟ هؤلاء بنيّ فدونكم أحدهم فاقتلوه ، وإن شئتم فلكم ألف ناقة تضمنها لكم بكر بن وائل. فغضبوا وقالوا : إنا لم نأتك لترذل لنا بنيك ، ولا لتسومنا اللبن. ورجعوا فأخبروا المهلهل، فقال: والله ما كان كليب بجزور نأكل له ثمناً.

واعتزلت قبائل من بكر الحرب ، وكرهوا مساعدة بني شيبان ومجامعتهم على
قتال إخوتهم ، وأعظموا قتل جساس كليباً بناب من الإبل ، فظعنت عجل عنهم ، وكفت يشكر على نصرتهم ، ودعت تغلب النمر من قاسط فانضمت إليها ، وصاروا يداً معهم على بكر ، ولحقت بهم عقيل بنت ساقط.

وكان الحارث بن عباد بن ضبيعة من قيس بن ثعلبة من
حكام بكر وفرسانها المعدودين، فلما علم بمقتل كليب أعظمه ، واعتزل بأهله وولد إخوته وأقاربه ، وحل وتر قوسه ، ونزع سنان رمحه.

ووقعت الحرب بين الحيين، وكانت
وقعات مزاحفات يتخللها مغاورات، وكان الرجل يلقى الرجل والرجلان والرجلين هكذا ، وأول وقعة كانت على ماء لهم يقال له النهى كان بنو شيبان نازلين عليه ، ورئيس تغلب المهلهل ورئيس شيبان الحارث بن مرة فكانت الدائرة لتغلب ، وكانت الشوكة في شيبان ، واستحر القتال فيهم ، إلا أنه لم يقتل ذلك اليوم أحد من بني مرة.

ثم التقوا
بالذنائب فظفرت بنو تغلب ، وقتلت بكر مقتلة عظيمة ، ثم التقوا بواردات فظفرت بنو تغلب ، وكان جساس بن مرة وغيره طلائع قومهم وأبو نويرة التغلبي طلائع قومهم أيضاً ، فالتقوا بعض الليالي فقال له أبو نويرة : اختر إما الصراع أو الطعان ، أو المسايفة – أي التضارب بالسيوف- ، فاختار جساس الصراع فاصطرعا ، وأبطأ كل واحد منهما على أصحاب حيه ، وطلبوهما فأصابوهما وهما يصطرعان ، وقد كاد جساس يصرعه ففرقوا بينهما.

ثم التقوا بعنيزة فتكافأ الحيان، ثم التقوا بالقصيبات وكانت الدائرة
على بكر ، وقتل في ذلك اليوم همام بن مرة أخو جساس ، فمر به مهلهل مقتولاً فقال له : والله ما قتل بعد كليب قتيل أعز عليّ فقداً منك.

ثم كانت بينهم معاودة
ووقائع كثيرة، كل ذلك كانت الدائرة فيها لبنى تغلب، ثم إن تغلب جعلت جساساً أشد الطلب، فقال له أبوه مرة: الحق بأخوالك بالشام، فامتنع، فألح عليه أبوه فسيره سراً في خمسة نفر ، وبلغ الخبر مهلهل ، فندب أبا نويرة ومعه ثلاثون رجلاً من شجعان أصحابه ، فساروا مجدين، فأدركوا جساساً فقاتلهم ، فقتل أبو نويرة وأصحابه ولم يبق منهم غير رجلين ، وجرح جساس جرحاً شديداً مات منه ، وقتل أصحابه فلم يسلم غير رجلين أيضاً، فعاد كل واحد من السالمين إلى أصحابه.

فلما سمع مرة بقتل ابنه جساس
قال: إنما يحزنني أن كان لم يقتل منهم أحداً، فقيل له: إنه قتل بيده أبا نويرة رئيس القوم، وقتل معه خمسة عشر رجلاً ما شركه أحد منا في قتلهم، وقتلنا نحن الباقين، فقال: ذلك مما يسكن قلبي عن جساس.

فلما قتل جساس أرسل أبوه مرة إلى مهلهل
: إنك قد أدركت ثأرك وقتلت جساساً فاكفف عن الحرب، ودع اللجاج والإسراف، فهو أصلح للحيين وأنكأ لعدوهم، فلم يجب إلى ذلك.

ثم إن بنى بكر اجتمعوا إلى الحارث بن
عباد، وقالوا له: قد فني قومك ! فأرسل بجيراً ابن أخيه إلى مهلهل وقال له: قل له: إني قد اعتزلت قومي لأنهم ظلموك، وخليتك وإياهم ، وقد أدركت ثأرك وقتلت قومك. فأتاه بجبر فهمّ المهلهل بقتله ، فقال له امرؤ القيس بن أبان – وكان من أشراف بنى تغلب وكان على مقدمتهم زمناً - : لا تفعل ، فوالله لئن قتله ليقتلن به منكم كبش ، لا يسأل عن خاله من هو ؟ وإياك أن تحقر البغي ، فإن عاقبته وخيمة ، وقد اعتزلنا عمه وأبوه وأهل بيته. فأبى مهلهل إلا قتله، فطعنه بالرمح وقتله وقال له: (بؤ بشسع نعل كليب)! فلما بلغ قتله الحارث – وكان من أحلم أهل زمانه وأشدهم بأساً- قال: نعم القتيل قتيل أصلح بين ابني وائل ! فقيل له: إنما قتله بشسع نعل كليب، فلم يقبل ذلك.

وأرسل الحارث إلى مهلهل: إن كنت قتلت بجير بكليب، وانقطعت الحرب بينكم
وبين إخوانكم فقد طابت نفسي بذلك. فأرسل إليه مهلهل: إنما قتلته بشسع نعل كليب ! فغضب الحارث ودعا بفرسه – وكانت تسمى النعامة – فجز ناصيتها وهلب ذنبها- الهلب: الشعر كله وقيل في الذنب وحده


ـــــــــــ

ثم ارتحل الحارث مع قومه، حتى نزل مع جماعة بكر بن وائل، وعليهم يومئذ الحارث بن همام، فقال الحارث بن عباد له : إن القوم مستقلون قومك ، وذلك زادهم جرأة عليكم ، فقاتلهم بالنساء ، قال له الحارث بن همام : وكيف قتال النساء ؟ فقال : قلد كل امرأة إداوة من ماء ، وأعطها هراوة ، واجعل جمعهن من ورائكم ، فإن ذلكم يزيدكم اجتهاداً ، وعلموا قومكم بعلامات يعرفنها ، فإذا مرت امرأة على صريع منكم عرفته بعلامته فسقته من الماء ونعشته ، وإذا مرت على رجل من غيركم ضربته بالهراوة فقتلته ، وأتت عليه.

فأطاعوه، وحلقت بنو بكر يومئذ رؤوسها، استبسالاً للموت ، وجعلوا ذلك
علامة بينهم وبين نسائهم ، وقال جحدر بن ضبيعة- وإنما سمي جحدراً لقصره - : لا تحلقوا رأسي ، فإني رجل قصير ، ولا تشينوني ، ولكن أشتريه منكم بأول فارس. يطلع عليكم من القوم، فطلع ابن عناق فشد عليه فقتله.

واقتتل الفرسان قتالا شديداً
، وانهزمت بنو ثغلب ، ولحقت بالظعن بقية يومها وليلتها ، واتبعهم سرعان بكر بن وائل، وتخلف الحارث بن عباد ، فقال لسعد بن مالك : أتراني ممن وضعته الحرب ! فقال : لا، ولكن لا مخبأ لعطر بعد عروس.

وأسر الحارث مهلهلاً بعد انهزام الناس وهو لا
يعرفه، فقال له: دلني على المهلهل. قال: ولي دمي ؟ فقال: ولك دمك، قال: ولى ذمتك وذمة أبيك ؟ قال: نعم ، ذلك لك. قال المهلهل- وكان ذا رأي ومكيدة- : فأنا مهلهل خدعتك عن نفسي ، والحرب خدعة، فقال : كافئني بما صنعت لك بعد جرمك ودلني على كفء لبجير ، فقال : لا أعلمه إلا امرأ القيس بن أبان ، هذاك علمه. فجز ناصيته وأطلقه ، وقصد امرئ القيس فشد عليه فقتله .

فلما رجع مهلهل بعد الوقعة والأسر إلى
أهله جعل النساء والوالدان يستخبرونه: تسأل المرأة عن زوجها وابنها وأخيها، والغلام عن أبيه وأخيه ،ثم إن مهلهلاً قال لقومه : قد رأيت أن تبقوا على قومكم ، فإنهم يحبون صلاحكم ، وقد أتت على حربكم أربعون سنة ، وما لمتكم على ما كان من طلبكم ، فلو مرت هذه السنون في رفاهية عيش لكانت تمل من طولها ، فكيف وقد فني الحيان وثكلت الأمهات ويتم الأولاد ، ورب نائحة لا تزال تصرخ في النواحي ، ودموع لا ترفأ ، وأجساد لا تدفن ، وسيوف مشهورة ، ورماح مشرعة ، وإن القوم سيرجعون إليكم غداً بمودتهم ومواصلتهم ، وتتعطف الأرحام حتى تتواصوا ، أما أنا فما تطيب نفسي أن أقيم فيكم، ولا أستطيع أن أنظر إلى قاتل كليب، وأخاف أن أحملكم على الاستئصال ، وأنا سائر عنكم إلى اليمن.

ثم خرج حتى لحق بأرض اليمن، فخطب إليه أحدهم ابنته
فأبى أن يفعل، فأكرهوه وساقوا إليه أدَماً في صداقها فأنكحها إياه ، وكان قد بلغ قبائل بكر وتغلب زواج سليمى في مذحج ، وكان بين القومين منافسة ونفور، فغضبوا وأنفوا، وقصدوا بلاد القوم فأخذوا المرأة وأرجعوها إلى أبيها بعد أن أسروا زوجها.

وملت جموع تغلب الحرب فصالحوا بكراً، ورجعوا إلى بلادهم ، وتركوا
الفتنة ، ولم يحضر المهلهل صلحهم ، ثم اشتاق إلى أهله وقومه ، ولجت عليه ابنته سليمي بالمسير إلى الديار ، فأجابها إلى ذلك ، ورجع نحو قومه ، حتى قرب من قبر أخيه كليب ، وكانت عليه قبة رفيعة ، فلما رآه خنقته العبرة ، وكان تحت بغل نجيب، فلما رأى البغل القبر في غلس الصبح نفر منه هارباً ، فوثب عنه المهلهل ، وضرب عرقوبيه بالسيف ، وسار بعد ذلك حتى نزل في قومه زماناً ، وما وكده – أي قصده - إلا الحرب ، ولا يهم بصلح ، ولا يشرب خمراً ، ولا يلهو بلهو ، ولا يحل لأمته ، ولا يغتسل بماء ، حتى كان جليسه يتأذى منه من رائحة صدأ الحديد.

فلما كان ذات يوم دخل عليه
رجل من تغلب اسمه ربيعة بن الطفيل، وكان له نديماً، فلما رأى ما به قال : أقسمت عليك أيها الرجل لتغتسلن بالماء البارد ، ولتبلن ذوائبك بالطيب ! فقال المهلهل: هيهات ! هيهات ! يا بن الطفيل ، هبلتني إذا يميني ، وكيف باليمين التي آليت ! كلاً أو أقضي من بكر أربى ، ثم تأوه وزفر .

ونقض الصلح، وعادت الحرب، ثم إن
المهلهل أغار غارة على بنى بكر، فظفر به عمرو بن مالك أحد بنى قيس بن ثعلبة، فأسره وأحسن إساره، فمر عليه تاجر يبيع الخمر - وكان صديقاً للمهلهل- فأهدى إليه وهو أسير زقاً من خمر، فاجتمع شبان من قيس بن ثعلبة ونحروا عنده بكراً، وشربوا عند مهلهل في بيته الذي أفرد له ، فلما أخذ فيهم الشراب تغنى مهلهل بشعر ناح فيه على أخيه.

فلما سمع عوف ذلك غاظه وقال: لا جرم إن الله على نذراً، إن شرب عندي
قطرة ماء ولا خمر حتى يورد الخضير – أي لا يشرب شيئاً قبل خمسة أيام -، فقال له أناس من قومه: بئس ما حلفت ! فبعثوا الخيول في طلب البعير فأتوا به بعد ثلاث أيام، وكان المهلهل مات عطشاً


القلب الجريح 12-04-2011 07:07 PM

رد: أشهر المعارك التاريخية ...
 
حرب داحس و الغبراء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــ




وكانت بين عبس وذبيان، وكانت الحرب بينهما سجالاً وانتهت بصلح، وداحس والغبراء: اسما فرسين لقيس بن زهير، وتشتمل هذه الحرب أيام المريقب وذي حساء واليعمرية والهباء وفروق وقطن .



سار قيس بن زهير بن جذيمة العبسي إلى المدينة ليتجهز لقتال بنى عامر، ويأخذ بثأر أبيه زهير بن جذيمة الذي قتله خالد بن جعفر الكلابي العامري، فأتى أحيحة بن الجلاح يشتري منه درعاً موصوفة، فقال له: لولا أن تذمني بنو عامر لوهبتها لك، ولكن اشترها بابن لبون. ففعل ذلك، وأخذ الدرع وكانت تسمى ذات الحواشي ووهبه أحيحة أدراعاً أخرى، وعاد إلى قومه، وقد فرغ من جهازه.

واجتاز بالربيع بن زياد العبسي، ودعاه إلى مساعدته على الأخذ بثأر أبيه، فأجابه إلى ذلك. ولما أراد فراقه نظر الربيع إلى عيبته وقال له: ما في حقبيبتك ؟ فقال: متاع عجيب، لو أبصرته لراعك. وأناخ راحلته، وأخرج الدرع من الحقيبة، فأبصرها الربيع فأعجبته، ولبسها فكانت في طوله، فمنعها من قيس ولم يعطه إياها، وترددت الرسل بينهما في ذلك، ولج قيس في طلبها، ولج الربيع في منعها.

فلما طالت الأيام على ذلك سير قيس أهله إلى مكة، وأقام ينتظر غرة الربيع، ثم إن الربيع سير إبله وأمواله إلى مرعى كثير الكلأ، وأمر أهله فظعنوا، وركب فرسه وسار إلى المنزل.

ولما بلغ الخبر قيساً سار إلى أهله وإخوته، فعارض ظعائن الربيع ، فوجد فيها أم الربيع فاطمة بنت الخرشب الأنمارية ، فاقتاد جملها ، يريد أن ير تهنها بالدرع حتى ترد إليه ، فقالت له : ما تريد يا قيس ؟ فقال : أذهب بكن إلى مكة ، فأبيعكن بها بدرعي ؟ فقالت : ما رأيت كاليوم فعل رجل ! أي قيس، ضل حلمك، أترجو أن تصطلح أنت وبنو زياد، وقد أخذت أمهم، فذهبت بها يميناً وشمالاً، فقال الناس في ذلك ما شاءوا، وحسبك من شر سماعه.

فعرف قيس ما قالت له، فخلى سبيلها، وأطرد الإبل، وسار بها إلى مكة، فباعها من عبد الله بن جدعان القرشي، واشترى بها خيلاً، وتبعه الربيع فلم يلحقه، فكان فيما اشترى من الخيل داحس والغبراء.

ثم إن قيس بن زهير أقام بمكة، فكان أهلها يفاخرونه - وكان فخوراً- ، فقال لهم: نحوا كعبتكم عنا وحرمكم، وهاتوا ما شئتم، فقال له عبد الله بن جدعان: إذا لم نفاخرك بالبيت المعمور ، والحرم الآمن فبم نفاخرك ؟ فمل قيس مفاخرتهم وعزم على الرحلة ، وسر ذلك قريشاً ، لأنهم قد كانوا كرهوا مفاخرته ،فقال لإخوته : ارحلوا بنا من عندهم أولاً وإلا تفاقم الشر بيننا وبينهم ، والحقوا ببني بدر بن فزارة ، فإنهم أكفاؤنا في الحسب ، وبنو عمنا في النسب ، وأشراف قومنا في الكرم ، ومن لا يستطيع الربيع أن يتناولنا معهم ، ثم لحق ببني بدر.

وأجاره حذيفة بن بدر، وأخوه حَمَل بن بدر، فأقام فيهم ، وكان معه أفراس له ولإخوته لم يكن في العرب مثلها، وكان حذيفة يغدو ويروح إلى قيس ، فينظر إلى خيله ، فيحسده عليها ، ويكتم ذلك في نفسه.

وأقام قيس فيهم زماناً يكرمونه وإخوته، ولما علم بذلك الربيع بن زياد غضب ونقم منهم ذلك، ولكن بنى بدر لم يتغيروا عن جوار قيس، فغضب الربيع، وغضبت بنو زياد لغضبه.

ثم إن حذيفة كره قيساً، وأراد إخراجه عنهم فلم يجد حجة، وعزم قيس على العمرة، فقال لأصحابه: إني قد عزمت على العمرة، فإياكم أن تلابسوا حذيفة بشيء، واحتملوا كل ما يكون منه حتى أرجع، فإني قد عرفت الشر في وجهه، وليس يقدر على حاجته منكم إلا أن تراهنوه على الخيل ، وكان قيس ذا رأى لا يخطئ فيما يريده، ثم صار يريد مكة.

زار الورد العبسى حذيفة بن بدر فعرض عليه حذيفة خيله، فقال: ما أرى فيها جواداً مبِرّاً فقال له حذيفة: فعند من الجواد المبر ؟ فقال: عند قيس بن زهير، فقال له : هل لك أن تراهنني عليه ؟ قال : نعم ، قد فعلت. فراهنه على ذكر من خيله وأنثى. ثم إن ورداً العبسى أتى قيس بن زهير وقال: إني قد راهنت على فرسين من خيلك ذكر وأنثى، وأوجبت الرهان، فقال: ما أبالي من راهنت غير حذيفة، فقال: ما راهنت غيره ! فقال قيس: إنك ما علمت لأنكد !

ثم ركب قيس حتى أتى حذيفة فوقف عليه، فقال له حذيفة: ما غدا بك ؟ فقال: غدوت لأواضعك الرهان، فقال حذيفة: بل غدوت لتغلقه، فقال قيس: ما أردت ذلك، فأبى حذيفة إلا الرهان، فقال قيس: أخيرك ثلاث خلال، فإن بدأت واخترت قبلي، فلي خلتان ولك الأولى، وإن بدأت فاخترت قبلك، فلك خلتان ولي الأولى. قال حذيفة: فابدأ، قال قيس: الغاية من مائة غلوة – [ الغلوة: الرمية بالنشابة ]، قال حذيفة: فالمضمار أبعون ليلة، والمجرى من ذات الإصاد [ ذات الإصاد: ردهة بين أجبل في ديار عبس، والردهة: نقير في حجر يجتمع فيها الماء ]. ففعلا ووضعا السبق على يدي أحد بنى ثعلبة بن سعد.

ثم ضمروا الخيل، فلما فرغوا استقبل الذي ذرع الغاية بينهما من ذات الإصاد وهي ردهة وسط هضب القليب فانتهي الذرع إلى مكان ليس له اسم. فقادوا الخيل إلى الغابة وجعلوا السابق الذي يرد ذات الإصاد، وأجرى قيس داحساً والغبراء، وحذيفة الخطّار والحنفاء. وملئوا البركة ماء، وجعلوا السابق أول الخيل يكرع فيها. وأقام حذيفة رجلاً من بنى أسد في الطريق، وأمره أن يلقى داحساً في الطريق فإن جاء سابقاً ردوا وجهه عن الغابة.

ثم إن حذيفة بن بدر وقيس بن زهير أتيا المدى ينظران إلى الخيل كيف خروجها منه، فلما أرسلت عارضاها، فقال حذيفة: خدعتك يا قيس، فقال قيس: ترك الخداع من أجرى من مائة. ثم ركضا ساعة، فجعلت خيل حذيفة تسبق خيل قيس، فقال حذيفة: سبقت يا قيس. فقال قيس: جرى المَذَكّيات غلاب.

فلما أرسلت الخيل سبقها داحس سبقاً بيناً والناس ينظرون، فلما هبط داحس في الوادي عارضه الأسدي فلطم وجهه فألقاه في الماء، فكاد يغرق هو وراكبه ولم يخرج إلا وقد فاتته الخيل. وأما راكب الغبراء فإنه خالف طريق داحس لما رآه قد أبطأ، ثم عاد إلى الطريق، واجتمع مع فرسي حذيفة ، ثم سقطت الحنفاء وبقي الخطار والغبراء.

ثم إن الغبراء جاءت سابقة، وتبعها الخطار، ثم الحنفاء، ثم جاء داحس بعد ذلك والغلام يسير به على رسله، وأخبر الغلام قيساً بما صنع بفرسه. فأنكر حذيفة ذلك، وادعى السبق ظلماً، وقال: جاء فرساي متتاليين.

ومضى قيس وأصحابه حتى نظروا إلى القوم الذين ضربوا داحساً، وجاءه الأسدي نادماً على ضرب داحس، واعترف لقيس بما صنع، وبما أمره به حذيفة. فرجع قيس وأصحابه إلى حذيفة وأصحابه وقال: يا قوم إنه لا يأتي قوم إلى قومهم شراً من الظلم، فأعطونا حقنا، فأبت بنو فزارة أن يعطوهم شيئاً، وكان الخطر[ أي السباق يتراهن عليه ] عشرين من الإبل، فقالت بنو عبس: أعطونا بعض سبقنا فأبوا، فقالوا: أعطونا جزوراً ننحرها ونطعمها أهل الماء، فإن نكره القالة في العرب، فقال رجل من فزارة: مائة جزور وجزور واحدة سواء، والله ما كنا لنقر لكم بالسبق علينا، ولم نُسبق.

فقام رجل من بنى مازن بن فزارة فقال: يا قوم، إن قيساً كان كارهاً لأول هذا الرهان وقد أحسن في آخره ، وإن الظلم لا ينتهي إلا إلى شر ، فأعطوه جزوراً من نعمكم ، فأبوا ، فقام إلى جزور من إبله ، فعقلها ليعطيها قيساً ويرضيه ، فقام ابنه فقال : إنك لكثير الخطأ ، أتريد أن تخالف قومك، وتلحق بهم خزية بما ليس عليهم ، وأطلق الغلاء عقالها ، فلحقت بالنعم. فلما رأى ذلك قيس بن زهير احتمل عنهم ومن معه من بنى عبس.

ثم إن حذيفة لج في ظلمه، وأرسل إلى قيس ابنه ندبة يطالبه بالسبق، فلم يصادفه، فقالت له امرأته: ما أحب أنك صادفت قيساً. فرجع إلى أبيه فأخبره بما قالت. فقال: والله لتعودن إليه. ورجع قيس فأخبرته امرأته الخبر، فأخذت قيس زفرات. ولم ينشب ندبة أن رجع إلى قيس، فقال: يقول أبي: أعطني سبقي ، فتناول قيس الرمح فطعنه فدق صلبه ، وعادت فرسه إلى أبيه عاثرة ، ونادى قيس : يا بنى عبس ، الرحيل ! فرحلوا كلهم.

ولما أتت الفرس حذيفة علم أن ولده قتل، فصاح في الناس، وركب فيمن معه، وأتى منازل بنى عبس فرآها خالية، ورأى ابنه قتيلاً، فنزل إليه، وقبله بين عينيه ودفنوه. واجتمع الناس، فاحتملوا دية ندبة مائة عشراء، فقبضها حذيفة وسكن الناس.

وكان مالك بن زهير أخو قيس متزوجاً في فزارة وهو نازل فيهم، فأرسل إليه قيس: إني قد قتلت ندبة بن حذيفة ورحلت، فالحق بنا وإلا قتلت، فلم يجبه وقال: إنما ذنب قيس عليه.

ثم إن قيساً أرسل إلى الربيع بن زياد يطلب منه العود وإليه والمقام معه، إذ هم عشيرة وأهل، فلم يجبه ولم يمنعه، وظل مفكراً في ذلك.

وعاد حذيفة بن بدر فدس لمالك بن زهير فرساناً على أفراس من مسان خيله وقال: لا تنتظروا مالكاً إن وجدتموه أن تقتلوه، فانطلق القوم وقتلوه.

ولما بلغ عبساً مقتل مالك بن زهير جزعت عليه، وأتت بنو جذيمة حذيفة فقال بنو مالك بن زهير لمالك بن حذيفة: ردوا علينا ما لنا. فأشار سنان بن أبي حارثة على حذيفة ألا يرد أولادها معها، وأن يرد المائة بأعيانها، فقال حذيفة: أرد الإبل بأعيانها ولا أرد النسل، فأبوا أن يقبلوا ذلك.

وعلم الربيع بن زياد بمقتل مالك بن زهير، فجزع عليه، وأرسل إلى قيس عيناً بأتيه بالخبر، فرجع العين إلى الربيع فأخبره بما قال قيس، فبكى الربيع على مالك.

ولما علم قيس بجزع الربيع ركب هو وأهله، وقصدوا الربيع بن زياد، وهو يصلح سلاحه، فنزل إليه قيس، وقام الربيع فاعتنقا وبكيا، وأظهرا الجزع لمصاب مالك، ولقي القوم بعضهم بعضاً فنزلوا، فقال قيس للربيع:إنه لم يهرب منك من لجأ إليك ، ولم يستغن عنك من استعان بك ، وقد كان لك شر يومي ، فليكن لي خير يوميك ، وإنما أنا بقومي وقومي بي ، وقد أصاب القوم مالكاً ، ولست أهم بسوء ، لأني إن حاربت بنى بدر نصرتهم بنو ذيبان ، وإن حاربتني خذلتني بنو عبس ، إلا أن تجمعهم عليّ ، وأنا والقوم في الدماء سواء ، قتلت ابنهم وقتلوا أخي ، فإن نصرتني طمعت فيهم ، وإن خذلتني طمعوا فيّ.

فقال الربيع: يا قيس، إنه لا ينفعني أن أرى لك من الفضل مالا أراه لي ، ولا ينفعك أن ترى لي مالا أراه لك ، وأنت ظالم ومظلوم ، ظلموك في جوادك ، وظلمتهم في دمائهم ، وقتلوا أخاك بابنهم ، فإن يبؤ الدم بالدم ، فعسى أن تلقح الحرب.

وبعث قيس إلى أهله وأصحابه، فجاءوا ونزلوا مع الربيع، وبلغ حذيفة أن الربيع وقيسًا اتفقا، فشق ذلك عليه واستعد للبلاء.

ثم تلاقت جموع بنى ذيبان وعبس واقتتلوا قتالا شديداً، وكانت الشوكة في ذيبان، وقتل منهم عوف بن بدر، وقتل عنترة ضمضم أبو الحصين المري، والحارث بن بدر، وأسر الربيع حذيفة بن بدر، وكان حر بن الحارث العبسى قد نذر إن قدر على حذيفة أن يضربه بالسيف ، وله سيف قاطع يسمى الأصرم ، فأراد ضربه بالسيف لما أسر وفاء بنذره ، فنهوه عن قتله ، وحذروه عاقبة ذلك ، فأبى إلا ضربه ، فوضعوا عليه الرجال ، فضربه فلم يصنع السيف شيئاً ، وبقى حذيفة أسيراً.

فاجتمعت غطفان وسعوا في الصلح، واصطلحوا على أن يهدروا دم بدر بن حذيفة بدم مالك بن زهير، ويعقلوا عوف بن بدر [ أي يؤدوا ديته ]، ويعطوا حذيفة عن ضربته التي ضربه حر مائتين من الإبل، وأن يجعلوها عشاراً كلها وأربعة أعبد، وأهدر حذيفة دماء من قُتِل من قومه ذيبان في الوقعة، وأطلق من الأسر.

فلما رجع إلى قومه ندم على ذلك، فساءت مقالته في بنى عبس، وركب قيس بن زهير وعمارة بن زياد فمضيا إلى حذيفة وتحدثا معه، فأجابهما إلى الاتفاق، وأن يرد عليهما الإبل التي أخذ منهما – وكانت توالدت عنده – وبينما هم في ذلك إذ جاءهم سنان بن أبي حارثة المري ، فقبح رأي حذيفة في الصلح ، وقال : إن كنت لا بد فاعلاً فأعطهم إبلا عجافاً مكان إبلهم ، واحبس أولادها ، فوافق ذلك رأى حذيفة ، وأبى قيس وعمارة ذلك.

ثم إن مالك بن بدر- أخو حذيفة - خرج يطلب إبلاً له ، فرماه جندب أحد بنى رواحة بسهم فقتله ، ومن ثم أخذ الشر يعظم بين عبس – ويرأسهم الربيع بن ذبيان - وذيبان – ويرأسهم حذيفة بن بدر- ، وهزمت بنوعبس واتبعتهم بنو ذيبان.

فأشار قيس على الربيع بن زياد أن يماكرهم، وخاف إن قاتلوهم ألا يقوموا لهم، وقال: إنهم ليسوا في كل حين يجتمعون، وحذيفة لا يستنفر أحداً لاقتداره وغلوه، ولكن نعطيهم رهائن من أبنائنا فندفع حدهم عنا، فإنهم لن يقتلوا الولدان ولن يصلوا إلى ذلك منهم مع الذين نضعهم على أيديهم، وإن هم قتلوا الصبيان فهو أهون من قتل الآباء، وكان رأي الربيع مناجزتهم فقال: يا قيس، أملأ جمعهم صدرك ؟

وقال قيس: يا بنى ذيبان، خذوا منا رهائن إلى أن تنظروا، فقد ادعيتم ما تعلم وما لا نعلم ، ودعونا حتى نتبين دعواكم ، ولا تعجلوا إلى الحرب ، فليس كل كثير غالباً ، وضعوا الرهائن عند من ترضون به ونرضاه ، فقبلوا ذلك ، وتراضوا أن تكون الرهائن عند سبيع بن عمرو ( من بنى ثعلبة بن زيد بن ذيبان) ، فمات سبيع وهم عنده ، فلما حضرته الوفاة قال لا بنه مالك : إن عندك مكرمة لا تبيد إن أنت احتفظت بهؤلاء الأغيلمة ، وكأني بك لو قد مت أتاك حذيفة خالك ، فعصر عينيه وقال : هلك سيدنا ، ثم خدعك عنهم حتى تدفعهم إليه ، فقتلهم ، فلا شرف بعدها ، فإن خفت ذلك فاذهب بهم إلى قومهم.

فلما ثقل سبيع جعل حذيفة يبكى ويقول: هلك سيدنا، فوقع ذلك في قلب مالك، فلما هلك سبيع أطاف حذيفة بابنه مالك فأعظمه، ثم قال له: يا مالك، إني خالك، وإني أسن منك، فادفع إليّ هؤلاء الصبيان ليكونوا عندي إلى أن ننظر في أمرنا فإنه قبيح أن تملك شيئاً، ثم لم يزل به حتى دفعهم إليه باليعمرية.

وأحضر أهل الذين قتلوا فجعل كل يوم يبرز غلاماً فينصبه غرضاً ويرمى بالنبل ثم يقول: ناد أباك، فينادي أباه، حتى يمزقه النبل، ويقول لواقد بن جندب: ناد أباك. فجعل ينادى يا عماه - خلافاً عليهم – ويكره أن يأبس – الأبس : القهر والحمل على المكروه- أباه بذلك ، وقال لابن جنيدب بن عمرو بن عبدالأسلع : ناد جنيبة – وهو لقب أبيه - ، فجعل ينادي : يا عمراه ! باسم أبيه حتى قتل، وقتل أيضاً عتبة بن شهاب بن قيس بن زهير. و لما بلغ ذلك بني عبس أخذوا ما كانوا جمعوا من الديات ، فحملوا عليه الرجال واشتروا السلاح.

ثم خرج قيس في جماعة ، فلقوا ابناً لحذيفة ، ومعه فوارس من ذبيان فقتلوهم ، فجمع حذيفة قومه وسار إلى عبس وهو على ماء يقال له عراعر ، فاقتتلوا وكان الظفر لذيبان ، ورجعت سالمة.

ثم جد حذيفة في الحرب ، وكرهها أخوه حمل بن حذيفة ، وندم على ما كان ، وقال لأخيه في الصلح فلم يجب إلى ذلك ، وجمع الجموع من أسد وذيبان وسائر بطون غطفان وسار نحو بني عبس.

ولما بلغ بني عبس أنهم قد ساروا إليهم تشاوروا بينهم، فقال قيس: أطيعوني فوالله لئن لم تفعلوا لأتكئن على سيفي حتى يخرج من ظهري. قالوا: فإنا نطيعك. فأمرهم فسرحوا السوام والضعاف بليل ، وهو يريدون أن يظعنوا من منزلهم ذلك ، ثم ارتحلوا في الصبح وقد مضى سوامهم وضعافهم.

فلما أصبحوا طلعت عليهم الخيل، فقال قيس: خذوا غير طريق المال – أي غير طريق الإبل-، فإنه لا حاجة للقوم أن يقعوا في شوكتكم، ولا يريدون بكم في أنفسكم شراً من ذهاب أموالكم، فأخذوا غير طريق المال. ولما رأى حذيفة الأثر قال: أبعدهم الله ! وما خيرهم بعد ذهاب أموالهم ؟ ثم اتبع المال وسارت ظعن بنى عبس والمقاتلة من ورائهم، وتبع حذيفة وبنو ذيبان المال، فلما أدركوه ردّوا أوله على آخره، ولم يفلت منه شيء، وجعل الرجل يطرد ما قدر عليه من الإبل، فيذهب بها، ثم تفرقوا واشتد الحر.

فقال قيس بن زهير: يا قوم ، إن القوم قد فرق بينهم المغنم ، فاعطفوا الخيل في آثارهم ، فلم تشعر بنو ذيبان إلا والخيل دوائس – أي يتبع بعضها بعضاً - ، فلم يقاتلهم كبير أحد ، إذ أن همة الرجال من بني ذيبان كانت أن يحرر غنيمته ويمضي بها ، ووضعت بنو عبس فيهم السلاح ، وقتلوا منهم مالك بن سبيع التغلبي سيد غطفان وكثيراً غيره حتى ناشدتهم بنو ذيبان البقية ، وانهزمت ذيبان وحذيفة معهم.

ولم يكن لعبس هم غير حذيفة، فأرسلوا خيلهم مجتهدين في أثره، ثم تبعه قيس بن زهير والربيع بن زياد، وقرواش بن عمرو، وريان بن الأسلع، وشداد بن معاوية وغيرهم، وقال لهم قيس: كأني بالقوم وردوا جفر الهباء ونزلوا فيه، وأنا أعلم أن حذيفة بن بدر إذا احتدمت الوديقة مستنقع في الماء – الوديقة: شدة الحر-.

وكان حذيفة قد استرخى حزام فرسه، فنزل عنه ووضع رجله على حجر مخافة أن يقتص أثره، وعرفوا فرسه فاتبعوه، ومضى حتى استغاث بجفر الهباء وقد اشتد الحر، فرمى بنفسه ومعه حمل بن بدر وجماعة من أصحابه، وقد نزعوا سروجهم وطرحوا سلاحهم، ووقعوا في الماء، وتمعكت دوابهم – أي تمرغت -.

ولما اقترب منهم قيس بن زهير وأصحابه أبصرهم حمل بن بدر فقال لهم: من أبغض الناس أن يقف على رؤوسكم ؟ فقالوا : قيس بن زهير والربيع بن زياد، فقال : هذا قيس بن زهير قد أتاكم ، ولم ينقض كلامه حتى وقف قيس وأصحابه وحالوا بينهم وبين الخيل ، وحمل جنيدب على خيلهم فاطّردها ، واقتحم عمرو بن الأسلع وشداد عليهم في الجند ، وهم ينادون : لبيكم لبيكم ، وقال لهم قيس : كيف رأيتم عاقبة البغي ؟ فقال حذيفة: يا بنى عبس: فأين العقول والأحلام ؟ ناشدتك الله والرحم يا قيس: فضربه أخوه حمل بين كتفيه وقال: (اتق مأثور الكلام).

ثم قال حذيفة لقيس: بنو مالك بمالك، وبنو حمل بذي الصبية ونرد السبق، قال قيس: لبيكم لبيكم، قال حذيفة: لئن قتلتني لا تصلح غطفان بعدها أبداً. فقال قيس: أبعدهم الله ولا أصلحها. ثم إن قرواش بن هني جاء من خلف حذيفة، فقال له بعض أصحابه: احذروا قرواشاً وكان قد رباه، فظن أنه سيشكر ذلك له، قال: خلوا بين قرواش وظهري، فنزع له قرواش بمعلبه – وهو نصل طويل عريض - فقصم به صلبه ، وابتدره الحارث بن زهير وعمرو بن الأسلع فضرباه بسيفهما حتى أجهزا عليه.

وقتل الحارث بن زهير حمل بن بدر، واستبقوا حصن بن حذيفة لصباه.


القلب الجريح 12-04-2011 07:07 PM

رد: أشهر المعارك التاريخية ...
 
حرب طروادة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــ


حرب طروادة أسطورة يونانية تبرز الصراع الذي هزمت فيه بلاد الإغريق القديمة مدينة طروادة. وقد ألهمت هذه الأسطورة كثيراً من الأعمال الرائدة في مجال الأدب الكلاسيكي. أصبحت بعض الحوادث التي وقعت أثناء أو بعد حرب طروادة موضوعاً لثلاثة أشعار ملحمية عظيمة وهي الإلياذة والأوديسة المنسوبتان للشاعر الإغريقي هوميروس، إضافة إلى الإنيادة للشاعر الروماني فرجيل. وقد تم تصوير أبطال وضحايا هذه الحرب في أعمال تراجيدية إغريقية مثل أجاممنون للكاتب إسخليوس، وأجاكس لسوفوكليس وامرأة طروادة ليوربيدس.

اختلف العلماء حول حقيقة أسطورة حرب طروادة، فبعضهم يعتقد بأنها تُحرِّفُ وتبالغ في النزاعات الصغيرة التي شارك فيها الإغريق من حوالي عام 1500 إلى عام 1200ق.م ويعتقد الآخرون بأن الأسطورة مبنية على حرب واحدة كبيرة يعتقد الكثيرون بأنها وقعت أثناء منتصف القرن الثالث عشر قبل الميلاد. وتتضمن ملحمة هوميروس المادة التاريخية لمختلف الأزمنة مع المادة الخيالية. ونتيجة لذلك لايمكن الاعتماد على مثل هذه الأعمال بوصفها وثائق تاريخية، ولكن علماء الآثار استطاعوا اكتشاف بعض الدلائل التاريخية، في حطام مدينة طروادة، وبعض الأماكن الأخرى التي أكدت بعض الحوادث الموصوفة في الملحمة.


بداية الحرب. وفقًا للأساطير الإغريقية القديمة، نشبت حرب طروادة نتيجة لحادثة في وليمة عُرس بيليس ملك ثيسالي وثيتس، وهي واحدة من إلاهات البحر. دُعي كل آلهة وإلاهات جبل أوليمبس ماعدا إيريس إلهة الخلاف مما أغاظها، ولذلك حاولت إثارة المشكلات في أوساط ضيوف وليمة العرس. أرسلت إيريس تفاحة ذهبية مكتوبًا عليها (لأكثرهن جمالاً ). طالبت الإلاهات الثلاث ـ هيرا وأثينا وأفروديت بأحقية التفاحة، وهنا بدأ الشجار واستطاع باريس بن بريام ملك طروادة الحكم في ذلك النزاع وقدَّم التفاحة لأفروديت لأنها وعدته بهيلين أكثر النساء جمالاً في العالم.

كانت هيلين متزوجة من منيلاوس ملك أسبرطة، واستطاعت الهروب من باريس إلى طروادة عند زيارته لها. قام الملك منيلاوس وأخوه أجاممنون بإعداد حملة عسكرية ضد طروادة لاسترداد هيلين. وكان ضمن الجيش الإغريقي أبطال مثل أخيل، وأجاكس الأكبر، ونستور وأوديسيوس (يوليسيس باللاتينية).


حصار طروادة. حاصر الجيش الإغريقي مدينة طروادة مدة عشر سنوات ولكنه لم يستطع هزيمة المدينة. وصفت ملحمة الإلياذة بعض الحوادث التي وقعت أثناء السنة الأخيرة للصراع. شعر الإغريق بالضعف بعد أن غادر أخيل أشجع المحاربين أرض المعركة، ورفض القتال بعد أن أساء إليه القائد الإغريقي أجاممنون. واستطاع الطرواديون بقيادة هيكتور طرد الإغريق إلى سفنهم. وأخيراً عاد أخيل إلى القتال بعد أن قتل هيكتور أعز أصدقائه باتروكلس. استطاع أخيل قتل هيكتور انتقامًا لمقتل صديقه باتروكلس.

تنتهي الإلياذة بجنازة هيكتور. وروت الأساطير الإغريقية الحوادث التي تعاقبت بعد ذلك. وكما تذكر هذه الأساطير فإن الطرواديين قد تلقوا المساعدة من حلفائهم الأثيوبيين وجيش من المحاربات النساء يسمى الأمازونيات. استطاع أخيل مساعدة الإغريق في هزيمة أعدائهم بقتل بنثيسليا ملكة الأمازونيات وميمنون ملك الأثيوبيين. وأخيراً استطاع باريس بمساعدة الإله أبوللو قتل أخيل بطعنِه بسهم في الكعب.


سقوط طروادة. لقد وصِف سقوط طروادة في الملحمة التي تُدعى الإنيادة. وتصف الإنيادة كيف أن الإغريق قد بنوا حصاناً خشبياً ضخماً أصبح يعرف باسم حصان طروادة ووضعوه خارج أسوار طروادة. واختبأ أوديسيوس والمحاربون الآخرون داخل الحصان بينما أبحرت بقية الجيش الإغريقي بعيداً.

حذرت العرافة كاسندرا والقس لاوكون الطرواديين من أخذ الحصان إلى داخل مدينتهم ولكن السجين الإغريقي سينون استطاع إقناعهم بأن الحصان مقدس وسوف يجلب حماية الآلهة، وبعدها جر الطرواديون الحصان إلى داخل مدينتهم، وفي تلك الليلة غلبهم النعاس وناموا بعد الاحتفال بانتصارهم الظاهري. استطاع أوديسيوس وزملاؤه التسلل من الحصان وفتح أبواب المدينة لبقية المحاربين الذين عادوا من جزيرة قريبة.

استرجع الإغريق هيلين وذبحوا جميع سكان طروادة تقريبًا وأحرقوا المدينة. وتشير ملحمة الإنيادة إلى نجاة بعض الطرواديين ومن ضمنهم المحارب إينياس الذي أسس أحفاده مدينة روما.


القلب الجريح 12-04-2011 07:08 PM

رد: أشهر المعارك التاريخية ...
 

معركة ذي قار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــ






كان من أعظم أيام العرب ،وأبلغها في توهين أمر الأعاجم ، وهو يوم لبني شيبان ، وهوأول يوم انتصرت فيه العربعلى العجم . وخبره كالتالي :

ذكر كسرى بن هرمز يوماً الجمال العربي ، وكانفي مجلسه رجل عربي يقال له : زيد بن عدي ، وكان النعمان قد غدر بأبيه وحبسه ثم قتله، فقال له : أيها الملك العزيز إن خادمك النعمان بن المنذر عنده من بناته وأخواتهوبنات عمه وأهله أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة .

وأرسل كسرى زيداً هذاإلى النعمان ومعه مرافق لهذه المهمة ، فلما دخلا على النعمان قالا له : إن كسرىأراد لنفسه ولبعض أولاده نساءاً من العرب ، فأراد كرامتك ، وهذه هي الصفات التييشترطها في الزوجات . فقال له ا لنعمان : أما في مها السواد وعين فارس ما يبلغ بهكسرى حاجته ؟ يا زيد سلّم على كسرى ، قل له : إن النعمان لم يجد فيمن يعرفهن هذهالصفات ، وبلغه عذري . ووصل زيد إلى كسرى فأوغر صدره ، وقال له : إن النعمان يقوللك : ستجد في بقر العراق من يكفينك .

فطار صواب كسرى وسكت لكي يأمن النعمانبوائقه ، ثم أرسل إلى النعمان يستقدمه ، فعرف النعمان أنه مقتول لا محالة ، فحملأسلحته وذهب إلى بادية بني شيبان حيث لجأ إلى سيدهم هانئ بن مسعود الشيباني وأودععنده نسوته ودروعه وسلاحه ، وذهب إلى كسرى ، فمنعه من الدخول إليه وأهانه ، وأرسلإليه من ألقى القبض عليه ، وبعث به إلى سجن كان له ، فلم يزل به حتى وقع الطاعونهناك فمات فيه .

وأقام كسرى على الحيرة ملكاً جديداً هو إياس بن قبيصةالطائي ، وكلفه أن يتصل بهانئ بن مسعود ويحضر ما عنده من نساء النعمان وسلاحهوعتاده ، فلما تلقى هانئ خطاب كسرى رفض تسليم الأمانات ، فخيره كسرى إما أن يعطي مابيده ، أو أن يرحل عن دياره ، أو أن يحارب ، فاختار الحرب ، وبدأ يعد جيشاً من بكربن وائل ومن بني شيبان ومن عجل ويشكر والنمر بن قاسط وبني ذهل .

وفي أثناءذلك جمع كسرى نخبة من أبطال الفرس ومن قبائل العرب التي كانت موالية له وخصوصاًقبيلة إياد ، ووجههم ليجتاحوا هانئاً ويحضروه صاغراً إلى كسرى.

فلما وصلجيش كسرى وحلفاؤهم من العرب أرسلت قبيلة إياد إلى هانئ : نحن قدمنا إلى قتالكمرغمين ، فهل نحضر إليك ونفرّ من جيش كسرى؟ فقال لهم : بل قاتلوا مع جنود كسرى ،واصمدوا إلينا أولاً ، ثم انهزموا في الصحراء ، وإذ ذاك ننقض على جيش كسرى ونمزقهم .

وقدم الجيش الفارسي وحلفاؤهم من إياد فوجدوا جيش هانئ قد اعتصم بصحراء لاماء فيها ولا شجر ، وقد استقى هانئ لجيشه من الماء ما يكفيهم ،فبدأ الفرس يموتون منالعطش ، ثم انقضوا على جيش هانئ كالصواعق ، وبينما هم في جحيم المعركة انهزمت قبيلةإياد أمام هانئ وانقضت على الفرس الذين حولها ، فأثخنت فيهم ومزقتهم ، وقتل كلأبطال فارس الذين أرسلهم كسرى لإحضار هانئ حياً ، فلما رجعت بعض فلول الفرس إلىكسرى إذا هم كالفئران الغارقة في الزيت .

وكانت ساحة ذي قار أرضاً يغطيالزفت والقطران كثيراً من أرضها ، فلما رآهم كسرى على ذلك الشكل قال لهم : أين هانئ؟ وأين أبطالكم الذين لا يعرفون الفرار، فسكتوا فصاح بهم ، فقالوا : لقد استقبلناالعرب في صحرائهم فتهنا فيها ومات جميع القادة وخانتنا قبيلة إياد حين رأوا بنيجنسهم ، فكاد كسرى يفقد عقله ، ولم يمضي عليه وقت قصير حتى مات حسرة ، فتولى مكانهابنه شيرويه .

وقد حدث بعض من حضر يوم ذي قار أن قبائل بكر استصحبوا منخلفهم نساءهم وانقضوا على الجيش الفارسي ، فبرز أحد العلوج وطلب المبارزة فانقضعليه عربي من بني يشكر اسمه برد بن حارثة اليشكري فقتله ، وكان هانئ قد نصب كميناًمن وراء الجيش الفارسي ، فانقض الكمين على الملك الجديد الذي كان كسرى عينه خلفاًللنعمان بن المنذر ، وفي أثناء ذلك أحس العرب روابط الأخوة التي تنتظمهم ، فانسحبمن جيش فارس كثير من العرب الذين كانوا يعطون ولاءهم لفارس من قبائل تميم وقيسعيلان فانقضوا على الفرس الذين يلونهم بعد أن كانوا يدينون بالولاء لهم ، وعرفالعرب أنهم كانوا مخدوعين بملك رخيص كان كسرى يضحك به على بعض أذنابه منهم .

وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما بلغه انتصار قبائل بكر بقيادة هانئبن مسعود الشيباني على عساكر الفرس قال : ( هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم ،وبي نصروا ) .

والحق أن انتصار العرب على العجم في ذي قار كان نواة لمعركةالقادسية التي أعز الله فيها قبائل العرب بنور الإسلام ، ونبوة محمد عليه الصلاةوالسلام.

شاعر المهجر 13-04-2011 06:03 AM

رد: أشهر المعارك التاريخية ...
 
اشككرك اخي العزيز على الطرح المميز

انت مبدع دائما في طرحك

طرح موفق تقبل مروري

القلب الجريح 15-04-2011 06:12 PM

رد: أشهر المعارك التاريخية ...
 
اشكركم على المرور الطيب والراقي

منورين الصفحه

ودي

الياسمينة 16-03-2012 12:50 AM

رد: أشهر المعارك التاريخية ...
 
واووو مجهود راااااائع
يسلموا والله عالطرح
ربي يعطيك العافية ويبارك فيك
دمت بخير
ودي قبل ردي

القلب الجريح 19-03-2012 11:05 AM

رد: أشهر المعارك التاريخية ...
 
مشكورين على المرور الطيب والرااااااااقي

Manhood 19-03-2012 11:19 AM

رد: أشهر المعارك التاريخية ...
 
معركة أرواد



اسم المعركة ( الحرب ) : معركة أرواد .

أسباب حدوث المعركة : التوسع الآشوري في العالم .
الجيوش المتحاربة وقادتها : بين الجيوش الآشورية بقيادة الملك الآشوري تغلانفلاس الأول وبين الفنيقيين(1) ( القرن 11ق.م ) .

وقائع المعركة : كان الغزو الآشوري من الدقة في التخطيط والحنكة في خطة الهجوم بحيث أن تغلانفلاس استطاع بمعركة لم تتعد أيام قليلة من إنهاء المعركة لصالحه .
نتائج الحرب : 1- احتل الملك الآشوري جزيرة أرواد . 2- امتدت سيطرته على المدن الأخرى . 3- ثارت المدن الفنيقية بقوة وعناد ضد الفاتحين ( صور 701 ،672،667) و ( صيدا 678ق.م ) إلا أن الآشوريين كسوا شوكتهم .

آخرى:
الفينيقيون :هم الأقوام الساميون الذين سكنوا الشاطئ الفينيقي الممتد من مصب نهر العاصي شمالاً إلى دور ( حالياً الطنطورة ) في شمال فلسطين .
وسمى اليونان المنطقة " فينيقية " وسكانها "فينيقيين " منذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد .
وكان أهالي المنطقة من قبل يعرفون بالكنعانيين . وتشير الدلائل التاريخية والأثرية إلى أن الفينيقيين هم مزيج من الكنعانيين القدماء والعناصر الإيجية التي شنت عدة حملات على المدن الكنعانية على الساحل بعد أن طرد الدوريون الإيجيين من بلادهم في القرن الثاني عشر قبل الميلاد .
فالنصوص المصرية تشير إلى تحرك الإيجيين وتسميهم " أهل البحر " .
منذ أواسط القرن الثاني عشر قبل الميلاد قامت مدة فينيقية كثيرة أهمها أرواد وبيروت وجبيل وصيدا وصور وأخذت تتبادل التجارة مع اليونان وشمال إفريقيا ، وأسست مدناً جديدة مثل أوتكا وقرطاجة في شمال إفريقيا .
وكان الفينيقيون يمقتون الحرب ويفضلون التجارة في جو سلمي ومثال ذلك المعاهدة التي أبرمها أحيرام ملك صور مع سليمان ملك إسرائيل .
كما أن " اتوبعل " ملك صيدا أقام علاقات تجارية وثقافية متينة مع آخاب ملك إسرائيل .وبالرغم من أن صور وصيدا تفوقتا في تجارتهما على مدينة جبيل فقد ظلت هذه أهم المدن الفينيقية من الوجهة الدينية والثقافية وأحرف الهجاء أخذها اليونان عن مدينة جبيل .
تعرف أغلب ملوك المدن الفينيقية إما من الأنصباب وإما من تاريخ هيرودوت وإما من تاريخ مناندر وإما من التوراة . فقد وردت على الأنصاب أسماء " زكربعل " و "أبي بعل" و " إلى بعل " و " يهو " ملك ملوك جبيل .
وأما مدينة صور فالمعلومات عنها أوسع ابتداء من احيرام الذي كان معاصراً للملك سليمان ملك اسرائيل إلى خلفائه " بعل صور" و " عبد عشتارت " و " اتوبعل " الذي زوج ابنته " جزيل " لآخاب ملك إسرائيل ، كما أن " عثاليا " بنت جزيل وآخاب تزوجت من يهوزام ملك اليهودية .
أما أسطورة تأسيس مدينة قرطاجة ففيها شيء من الغموض ولم يعثر على أي شيء يؤيدها. ومنذ معركة قرقر في سنة 853ق.م. بسطت المملكة الآشورية سيطرتها على المدن الفينيقية وأرغمتها على دفع الجزية .
وقد أقام سنحاريب نصباً عند منصب نهر الكلب ذكرى لانتصاره على الملوك الفينيقيين ذكر فيه أسماء ملوك أرواد وجبيل .وكانت مصر تحرض الفينيقيين دائماً على الثورة على الآشوريين . ولكن هذه الثورات أخفقت وظل الأمر على هذا الحال إلى أن قوض البابليون المملكة الآشورية فاستردت المدن الفينيقية استقلالها ورحب بقدوم فرعون مصر نخو الثاني ولكن بعد معركة كركميش في سنة 605ق.م. التي قهر فيها نبوخذ نصر ملك بابل نخو الثاني ، وقعت فينيقية تحت نير البابليين وبقيت ترزح تحت الحكم البابلي حتى جاء قورش ملك الفرس الذي احتل بابل سنة 538ق.م. فأصبحت فينيقية تحت الحكم الفارسي .
وقسم دارا الأول الإمبراطورية الفارسية إلى عشرين مقاطعة يحكم كل واحدة منها مرزبان ، وكونت فينيقة وسورية المقاطعة الخامسة . وفي بادئ الأمر تعاون الفينيقيون مع الفرس وساعدوهم في حروبهم مع اليونان وعين ملك صيدا أميراً على الأسطول الفارسي ، ثم ثاروا عليهم في أواخر القرن الخامس وأوائل القرن الرابع عشر قبل الميلاد .
ولما جاء الإسكندر المقدوبي في سنة 333ق.م. فتحت له المدن الفينيقية أبوابها إلا مدينة صور التي أعربت عن رغبتها في أن تبقى على الحياد في الصراع القائم بين اليونان والفرس. فرضي الإسكندر بهذا الطلب ، ولكنه أصر على أن يدخل معبد ملقارت ويقدم القرابين . فلما رفض الصوريون هاجم الإسكندر وحاصر جزيرتهم ودخل المدينة وقتل كثيراً من سكانها وأسر الآخرين .
وفي زمن الإسكندر حافظت المدن الفينيقية على حكمها الذاتي ، ولكنها تأثرت بالمدينة الهلنستية خصوصاً في الهندسة . وفي عهد خلفاء الإسكندر شهدت فينيقية معارك كثيرة ومرت جحافل الجيوش بأراضيها . ورث فينيقية بطليموس الأول واحتفظت مصر بالمدن الفينيقية حتى معركة بانيون في سنة 198ق.م. عندما قهر أنطيوخوس الثالث الملك السلوقي بطليموس الخامس وجرده من فينيقية ، وأصبحت المدن الفينيقية فيما بعد تابعة للملوك السلوقيين .
ثم اكتسبت المدن الفينيقية استقلالها الذاتي الواحدة تلو الأخرى وأخذت تضرب مسكوكاتها مستقلة عن سلطة الملوك السلوقيين حتى سنة 64ق.م. حينما جاء القائد الروماني بومبيوس وحول فينيقية إلى مقاطعة رومانية .
في عهد الرومان إزدهرت التجارة والصناعة في فينيقية واخترع في صيدا الزجاج المنفوخ وأثرت البلاد من ملاحتها . وظهر أثر ذلك في ثقافة المدن الفينيقية . كان الفينيقيون يعبدون عدداً كبيراً من الآلهة ورثوها عن الكنعانيين . ففي مدينة جبيل كانت الآلهة المفضلة " بعلة جبيل " و " بعل رشف أدونيس " . وفي صيدا كان الإله المفمضل " اشمون-ادونيس " ، وفي صور " ملقارت " ، وفي أرواد " بعل ايم " . وأما " عشتارت " فكانت تعبد في جميع المدن الفينيقية .
وقد انتشرت النصرانية في فينيقية منذ نشأتها . واصبحت لفينيقية أهمية خاصة بعد نقل العاصمة الرومانية إلى القسطنطينية لأنها غدت واقعة على الطريق بين العاصمة الرومانية والبلاد المقدسة .
اشتهر الفينيقيون بالتجارة وورثوا عن الإيجيين سيطرتهم على البحار . فأصبحوا التجار بين مصر والبابليين والآشوريين والآراميين من جهة ، واليونان وشمال إفريقيا وجزيرة صقلية وإسبانيا من جهة أخرى . وسيطروا لمدة ثلاثة قرون بكاملها ( من القرن الحادي عشر حتى القرن الثامن قبل الميلاد) على مياه البحر المتوسط بدون منازع .
وكانت أغلب تجارتهم مع بلاد اليونان . ولكن منذ القرن السابع أخذ اليونان ينافسون الفينيقيين فاضطر الفينيقيون إلى اللجوء إلى القسم الغربي من البحر المتوسط وأصبحت قرطاجة محو تجارتهم .
كانت الصناعة الفينيقية قليلة لأن الفينيقيين كانوا يتاجرون بمصنوعات البلاد المجاورة لا بمصنوعاتهم . وكانوا ماهرين في صناعة السفن ، ويستخرجون اللون القرمزي من صدف الموركس ويصبغون به الملابس ، وأهم صناعاتهم صناعة الزجاج .
واشتهروا بحفر العاج وأتقنوا صناعة النحاس وعملوا كذلك في الزراعة تأثرت فينيقية بفنون البلاد المجاورة لوقوعها بين بلاد الحضارات العظيمة مثل مثر والعراق والأناضول . ففي النحت قلد الفينيقيون الأساليب المصرية . ولكن الأشخاص المنحوتة تبدو أكثر حركة . وقد عثر على نصب للإله بعل في عمريت ( مرثوس قديماً ) يبدو فيه تأثير الفن البابلي والمصري والحثي والحوري . وعثر في جبيل على نصب للملك "يهو ملك" وهو يقدم القرابين إلى " بعلت جبيل " . ويرقى هذا النصب إلى العصر الفارسي. وكذلك وجدت مقاعد حجرية في موقع أم العمد في جنوب لبنان تعود إلى العصر الهلنستي .
كان الفينيقيون منذ العهد الفارسي يضربون المسكوكات الفضية في صور وصيدا وجبيل وأرواد . وفي العصور التالية اكتسبت أغلب المدن الفينيقية الحكم الذاتي وحق ضرب المسكوكات النحاسية . وفي أغلب الأحيان استعملوا رموزاً على مسكوكاتهم تمثل الآلهة والشعارات الدينية .
وهناك أدلة تشير إلى أن الفينيقيين كانوا يعتقدون بحياة بعد الموت . فقد كانوا يعتنون بموتاهم غاية الإعتناء فيدفنونهم في مغاور اصطناعية ويضعون في القبر المأكولات والمشروبات بأوان خزفية من أنواع وأحجام مختلة . كما كانوا يدفنون مع الميت أغلب ممتلكاته من حلي وأدوات وأسلحة .
وفي العصر الفارسي أخذوا يضعون في القبور بعض المسكوكات . وفي موقع قرب صيدا وجدت مقبرة ملوك المدينة في العصر الفارسي . وتدل بعض التوابيت الحجرية مثل تابوت الملك تبنيت وتابوت الملك أشمون عزار ، على تأثير مصري ، ويدل بعضها الآخر مثل تابوت الإسكندر وتابوت النائحات على تأثير يوناني . وهذا عدا التوابيت المصنوعة من المرمر التي وجدت في عين الحلوة .
وفي العصر الهلنستي أخذ الفينيقيون يستعملون القبور المعروفة بالموسوليا نسبة إلى موسولس ملك كاربا أول من استعمل هذا النوع من القبور . وهو قبر منحوت بالصخر تحت الأرض وفوقه بناء كبير بأشكال مختلفة منا ما هو هرمي ومنها ما هو اسطواني مثل القبور المعروفة بالمغازل في قرية عمريت .
وفي العهد الروماني درج استعمال التوابيت الحجرية المصنوعة من المرمر ، وكانوا ينحتون في جوانبها وأطرافها مشاهد من الأساطير (الميتولوجيا ) اليونانية . وكان الفينيقيون يستعملون الحجارة المنحوتة والطوب في بنائهم . وابتكروا الطراز المعروف بببيت هيلاني في بناء قصورهم ومعابدهم .
وبعد قدوم الإسكندر أخذت المعابد طابعاً هلنستياً فأقيمت عدة معابد على الطراز اليوناني . غير ان جميع هذه المعابد أعيد بناؤها في العهد الروماني لم ولم يبق منها إلا الأعمدة والحجارة التي استعملها الرومان ثانية في معابدهم . والمعابد الرومانية في فينيقية منقولة عن المعابد الرومانية في أوربا بفارق واحد هو إقامتها ضمن باحة واسعة مسورة . وكثيراً ما تظهر صور لهذه المعابد على المسكوكات الفينيقية.
وفي العهد البيزنطي أقيمت كنائس في أغلب المدن الفينيقية منقولة عن الكنائس في القسطنطينية ورافنا في إيطاليا . وعند الفتح العربي أصطبغت بصبغة عربية وزالت شخصيتها الفينيقية واصبحت جزءاً من الوطن العربي .



الساعة الآن 02:53 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات اليمن أغلى